(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) (٣٦)
____________________________________
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) بدل بعد بدل أو بدل من موصوف أواب ولا يجوز أن يكون فى حكمه لأن من لا يوصف به ولا يوصف إلا بالذى أو مبتدأ خبره (ادْخُلُوها) بتأويل يقال لهم ادخلوها والجمع باعتبار معنى من وقوله تعالى (بِالْغَيْبِ) متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشى أو مفعوله أو صفة لمصدره أى خشية ملتبسة بالغيب حيث خشى عقابه وهو غائب عن الأعين لا يراه أحد والتعرض لعنوان الرحمانية للإشارة بأنهم مع خشيتهم عقابه راجون رحمته أو بأن علمهم بسعة رحمته تعالى لا يصدهم عن خشيته تعالى وأنهم عاملون بموجب قوله تعالى (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) ووصف القلب بالإنابة لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى (بِسَلامٍ) * متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها أى ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم أو بسلام من جهة الله تعالى وملائكته (ذلِكَ) إشارة إلى الزمان الممتد الذى وقع فى بعض منه ما ذكر من الأمور* (يَوْمُ الْخُلُودِ) إذ لا انتهاء له أبدا (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) من فنون المطالب كائنا ما كان (فِيها) متعلق بيشاؤن وقيل بمحذوف هو حال من الموصول أو من عائده المحذوف من صلته (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) هو* ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من معالى الكرامات التى لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وقيل إن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذى قال تعالى (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ) أى قبل قومك (مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) أى قوة كعاد وأضرابها (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) أى خرقوا فيها ودوخوا وتصرفوا فى أقطارها أو جالوا فى أكناف الأرض كل* مجال حذار الموت وأصل التنقيب والنقب التنقير عن الأمر والبحث والطلب والفاء للدلالة على أن شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب قيل هى عاطفة فى المعنى كأنه قيل اشتد بطشهم فنقبوا الخ وقرىء بالتخفيف (هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) أى هل لهم من مخلص من أمر الله تعالى والجملة إما على إضمار قول هو* حال من واو نقبوا أى فنقبوا فى البلاد قائلين هل من محيص أو على إجراء التنقيب لما فيه من معنى التتبع والتفتيش مجرى القول أو هو كلام مستأنف وارد لنفى أن يكون لهم محيص وقيل ضمير نقبوا لأهل مكة أى ساروا فى مسايرهم وأسفارهم فى بلاد القرون فهل رأوا لهم محيصا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم ويعضده القراءة على صيغة الأمر وقرىء فنقبوا بكسر القاف من النقب وهو أن ينتقب خف البعير أى أكثروا السير حتى نقبت أقدامهم أو أخفاف إبلهم.