(ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (٢٠)
____________________________________
ويعذبون ويجوز أن يكون يوم خبرا لمبتدأ محذوف أى هو يوم هم الخ والفتح لإضافته إلى غير متمكن ويؤيده أنه قرىء بالرفع (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أى مقولا لهم هذا القول وقوله تعالى (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر أى هذا ما كنتم تستعجلون به بطريق الاستهزاء ويجوز أن يكون هذا بدلا من فتنتكم بتأويل العذاب والذى صفته (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) لا يبلغ كنهها ولا يقادر قدرها (آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أى قابلين لما أعطاهم راضين به على* معنى أن كل ما آتاهم حسن مرضى يتلقى بحسن القبول (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) فى الدنيا (مُحْسِنِينَ) أى لأعمالهم الصالحة آتين بها على ما ينبغى فلذلك نالوا ما نالوا من الفوز العظيم ومعنى الإحسان بالإجمال ما أشار إليه عليه الصلاة والسلام بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وقد فسر بقوله تعالى (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) أى كانوا يهجعون فى طائفة قليلة من الليل على أن قليلا ظرف أو كانوا يهجعون هجوعا قليلا على أنه صفة للمصدر وما مزيدة فى الوجهين ويجوز أن تكون مصدرية أو موصولة مرتفعة بقليلا على الفاعلية أى كانوا قليلا من الليل هجوعهم أو ما يهجعون فيه وفيه للمبالغات فى تقليل نومهم واستراحتهم ذكر القليل والليل الذى هو وقت الراحة والهجوع الذى هو الغرار من النوم وزيادة ما ولا مساغ لجعل ما نافية على معنى أنهم لا يهجعون من الليل قليلا بل يحيونه كله لما أن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها (وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) أى هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار فى الأسحار كأنهم أسلفوا ليلهم باقتراف الجرائم وفى بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ) أى نصيب وافر يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى الله تعالى* وإشفاقا على الناس (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) للمستجدى والمتعفف الذى يحسبه الناس غنيا فيحرم الصادقة (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) أى دلائل واضحة على شؤنه تعالى على التفاصيل من حيث أنها مدحوة