(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) (٢٥)
____________________________________
كالبساط الممهد وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين فى أقطارها والسالكين فى مناكبها وفيها سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات وعيون متفجرة ومعادن مفتنة وأنها تلقح بألوان النبات وأنواع الأشجار وأصناف الثمار المختلفة الألوان والطعوم والروائح وفيها دواب منبثة قد رتب كلها ودبر لمنافع ساكنها ومصالحهم فى صحتهم واعتلالهم (وَفِي أَنْفُسِكُمْ) أى وفى أنفسكم آيات إذ ليس فى العالم شىء إلا وفى الأنفس له نظير يدل دلالته على ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الأفعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة (أَفَلا تُبْصِرُونَ) أى ألا* تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) أى أسباب رزقكم أو تقديره وقيل المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الأقوات (وَما تُوعَدُونَ) من الثواب لأن الجنة فى السماء* السابعة أو لأن الأعمال وثوابها مكتوبة مقدرة فى السماء وقيل إنه مبتدأ خبره قوله تعالى (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ) على أن الضمير لما وأما على الأول فأماله وأما لما ذكر من أمر الآيات والرزق على أنه مستعار لاسم الإشارة (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) أى كما أنه لا شك لكم فى أنكم تنطقون ينبغى* أن لا تشكوا فى حقيته ونصبه على الحالية من المستكن فى لحق أو على أنه وصف لمصدر محذوف أى إنه لحق حقا مثل نطقكم وقيل إنه مبنى على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو ما إن كانت عبارة عن شىء وأن بما فى حيزها إن جعلت زائدة ومحله الرفع على أنه صفة لحق ويؤيده القراءة بالرفع (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغير طريق الوحى والضيف فى الأصل مصدر ضافه ولذلك يطلق على الواحد والجماعة كالزور والصوم وكانوا اثنى عشر ملكا وقيل تسعة عاشرهم جبريل وقيل ثلاثة جبريل وميكائيل وملك آخر معهما عليهمالسلام وتسميتهم ضيفا لأنهم كانوا فى صورة الضيف حيث أضافهم إبراهيم عليهالسلام أو لأنهم كانوا فى حسبانه كذلك (الْمُكْرَمِينَ) أى المكرمين عند الله تعالى أو عند إبراهيم حيث خدمهم* بنفسه وبزوجته (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) طرف للحديث أو لما فى الضيف من معنى الفعل أو المكرمين إن فسر بإكرام إبراهيم (فَقالُوا سَلاماً) أى نسلم عليك سلاما (قالَ) أى إبراهيم (سَلامٌ) أى عليكم* سلام عدل به إلى الرفع بالابتداء للقصد إلى الثبات والدوام حتى تكون تحيته عليه الصلاة والسلام