(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (٢٩) قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٣٠) قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) (٣١)
____________________________________
* أحسن من تحيتهم وقرئا مرفوعين وقرىء سلم وقرىء منصوبا والمعنى واحد (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) أنكرهم عليه الصلاة والسلام للسلام الذى هو علم للإسلام أو لأنهم ليسوا ممن عهدهم من الناس أو لأن أوضاعهم وأشكالهم خلاف ما عليه الناس ولعله عليه الصلاة والسلام إنما قاله فى نفسه من غير أن يشعرهم بذلك لا أنه خاطبهم به جهرا أو سألهم أن يعرفوه أنفسهم كما قيل وإلا لكشفوا أحوالهم عند ذلك ولم يتصد عليه الصلاة والسلام لمقدمات الضيافة (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) أى ذهب إليهم على خفية من ضيفه فإن من أدب المضيف أن يبادره بالقرى ويبادر به حذارا من أن يكفه ويعذره أو يصير منتفارا* والفاء فى قوله تعالى (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بكمال سرعة المجىء بالطعام كما فى قوله تعالى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أى فذبح عجلا فحنذه فجاء به (فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ) بأن وضعه لديهم حسبما هو المعتاد (فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ) إنكارا لعدم تعرضهم للأكل (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ) أضمر فى نفسه (خِيفَةً) لتوهم أنهم جاؤا للشر وقيل وقع فى قلبه أنهم ملائكة* جاؤا للعذاب (قالُوا لا تَخَفْ) قيل مسح جبريل عليهالسلام العجل بجناحه فقام يندرج حتى لحق بأمه* فعرفهم وأمن منهم (وَبَشَّرُوهُ) وفى سورة الصافات وبشرناه أى بواسطتهم (بِغُلامٍ) هو إسحاق عليهالسلام (عَلِيمٍ) عنه بلوغه واستوائه (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ) سارة لما سمعت بشارتهم إلى بيتها وكانت* فى زاوية تنظر إليهم (فِي صَرَّةٍ) فى صيحة من الصرير ومحله النصب على الحالية أو المفعولية إن جعل* أقبلت بمعنى أخذت كما يقال أقبل يشتمنى (فَصَكَّتْ وَجْهَها) أى لطمته من الحياء لما أنها وجدت حرارة دم* الطمث وقيل ضربت بأطراف أصابعها جبينها كما يفعله المتعجب (وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) أى أنا عجوز عاقر فكيف ألد (قالُوا كَذلِكَ) مثل ذلك القول الكريم (قالَ رَبُّكِ) وإنما نحن معبرون نخبرك به عنه تعالى* لا أنا نقوله من تلقاء أنفسنا (إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) فيكون قوله حقا وفعله متقنا لا محالة. روى أن جبريل عليهالسلام قال لها انظرى إلى سقف بيتك فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة ولم تكن هذه المفاوضة مع سارة فقط بل مع إبراهيم عليهالسلام أيضا حسبما شرح فى سورة الحجر وإنما لم يذكر ههنا اكتفاء بما ذكر هناك كما أنه لم يذكر هناك سارة اكتفاء بما ذكر ههنا وفى سورة هود (قالَ)