(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (٣٢) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (٣٤) فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦) وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٣٧) وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٣٩)
____________________________________
أى إبراهيم عليهالسلام لما علم أنهم ملائكة أرسلوا لأمر (فَما خَطْبُكُمْ) أى شأنكم الخطير الذى* لأجله أرسلتم سوى البشارة (أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) يعنون قوم لوط (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ) أى بعد ما قلبنا قراهم وجعلنا عاليها سافلها حسبما فصل فى سائر السور الكريمة (حِجارَةً مِنْ طِينٍ) أى طين متحجر هو السجيل (مُسَوَّمَةً) مرسلة من أسمت الماشية أى أرسلتها أو معلمة من المسومة وهى العلامة وقد مر تفصيله فى سورة هود (عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) المجاوزين الحد فى الفجور* وقوله تعالى (فَأَخْرَجْنا) الخ حكاية من جهته تعالى لما جرى على قوم لوط عليهالسلام بطريق الإجمال بعد حكاية ما جرى بين الملائكة وبين إبراهيم عليهالسلام من الكلام والفاء فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بذكرها فى مواضع أخر كأنه قيل فباشروا ما أمروا به فأخرجنا بقولنا فأسر بأهلك الخ (مَنْ كانَ فِيها) أى فى قرى قوم لوط وإضمارها بغير ذكر لشهرتها (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ممن آمن بلوط* (فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ) أى غير أهل بيت (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) قيل هم لوط وابنتاه وقيل كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر (وَتَرَكْنا فِيها) أى فى القرية (آيَةً) أى علامة دالة على ما أصابهم من العذاب قيل هى تلك الأحجار أو صخر منضود فيها أو ماء منتن (لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أى من شأنهم* أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فإنهم لا يعتدون بها ولا يعدونها آية (وَفِي مُوسى) عطف على قوله تعالى (وَفِي الْأَرْضِ) أو على قوله تعالى (وَتَرَكْنا فِيها) آية على معنى وجعلنا فى موسى آية كقول من قال علفتها تبنا وماء باردا (إِذْ أَرْسَلْناهُ) قيل هو منصوب بآية* وقيل بمحذوف أى كائنة وقت إرسالنا وقيل بتركنا (إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) هو ما ظهر على يديه* من المعجزات الباهرة (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أى فأعرض عن الإيمان به وازور كقوله تعالى (وَنَأى بِجانِبِهِ*