(فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١٠)
____________________________________
مثل السويق الملتوت من بس السويق إذالته أو سيقت وسيرت من أماكنها من بس الغنم إذا ساقها كقوله تعالى (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ) وقرىء رجت وبست أى ارتجت وذهبت (فَكانَتْ) أى فصارت بسبب ذلك (هَباءً) غبارا (مُنْبَثًّا) منتشرا (وَكُنْتُمْ) إما خطاب للأمة الحاضرة والأمم السالفة تغليبا أو للحاضرة (أَزْواجاً) أى أصنافا (ثَلاثَةً) فكل صنف يكون مع صنف آخر فى الوجود أو فى الذكر فهو زوج* وقوله تعالى (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) تقسيم وتنويع للأزواج الثلاثة مع الإشارة الإجمالية إلى أحوالهم قبل تفصيلها فقوله تعالى (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) مبتدأ وقوله (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) خبره على أن ما الاستفهامية مبتدأ ثان ما بعده خبره والجملة خبر الأول والأصل ما هم أى أى شىء هم فى حالهم وصفتهم فإن ما وإن شاعت فى طلب مفهوم الاسم والحقيقة لكنها قد يطلب بها الصفة والحال تقول ما زيد فيقال عالم أو طبيب فوضع الظاهر موضع الضمير لكونه أدخل فى التفخيم وكذا الكلام فى قوله تعالى (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) والمراد تعجيب السامع من شأن الفريقين فى الفخامة والفظاعة كأنه قيل فأصحاب الميمنة فى غاية حسن الحال وأصحاب المشأمة فى نهاية سوء الحال وتكلموا فى الفريقين فقيل أصحاب الميمنة أصحاب المنزلة السنية وأصحاب المشأمة أصحاب المنزلة الدنية أخذا من تيمنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشمائل وقيل الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم وقيل الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة والذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار وقيل أصحاب اليمين وأصحاب الشؤم فإن السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم عليها بمعاصيهم وقوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) هو القسم الثالث من الأزواج الثلاثة ولعل تأخير ذكرهم مع كونهم أسبق الأقسام وأقدمهم فى الفضل ليقترن ذكرهم ببيان محاسن أحوالهم على أن يرادهم بعنوان السبق مطلقا معرب عن إحرازهم لقصب السبق من جميع الوجوه وتكلموا فيهم أيضا فقيل هم الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة عند ظهور الحق من غير تلعثم وتوان وقيل الذين سبقوا فى حيازة الفضائل والكمالات وقيل هم الذين صلوا إلى القبلتين كما قال تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) وقيل هم السابقون إلى صلوات الخمس وقيل المسارعون فى الخيرات وأيا ما كان فالجملة مبتدأ وخبر