(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) (٢١)
____________________________________
سائر الأمم فإن أكثرية سابقى الأمم السالفة من سابقى هذه الأمة لا تمنع أكثرية تابعى هؤلاء من تابعى أولئك ولا يرده قوله تعالى فى أصحاب اليمين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) لأن كثرة كل من الفريقين فى أنفسهما لا تنافى أكثرية أحدهما من الآخر وسيأتى أن الثلثين من هذه الأمة وقد روى مرفوعا أن الأولين والآخرين ههنا أيضا متقدمو هذه الأمة ومتأخروهم واشتقاق الثلة من الثل وهو الكسر (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) حال أخرى من المقربين أو من ضميرهم فى الحال الأولى وقيل خبر آخر للضمير والموضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت أو المتواصلة من الوضن وهو النسج (مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ) حالان من الضمير المستكن فيما تعلق به على سرر أى مستقرين على سرر متكئين عليها متقابلين لا ينظر بعضهم من أقفاء بعض وهو وصف لهم بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) حال أخرى أو استئناف أى يدور حولهم للخدمة (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أى مبقون أبدا على شكل الولدان وطرواتهم لا يتحولون عنها وقيل مقرطون والخلد القرط قيل هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها روى ذلك عن على رضى الله عنه وعن الحسن رحمهالله وفى الحديث أولاد الكفار خدام أهل الجنة (بِأَكْوابٍ) بآنية لا عرى لها ولا خراطيم (وَأَبارِيقَ) أى آنية ذات عرى وخراطيم (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) أى خمر جارية من العيون قيل إنما* أفرد الكأس لأنها لا تسمى كأسا إلا إذا كانت مملوءة (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) أى بسببها وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها وقرىء لا يصدعون أى لا يتصدعون ولا يتفرقون كقوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) وقرىء لا يصدعون أى لا يفرق بعضهم بعضا (وَلا يُنْزِفُونَ) أى لا يسكرون من أنزف الشارب إذا نفد عقله* أو شرابه (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) أى يختارونه ويأخذون خبره وأفضله (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أى يتمنون وقرىء ولحوم طير.