(وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) (٥١)
____________________________________
بنقائضها (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) أى الذنب العظيم الذى هو الشرك ومنه قولهم بلغ الغلام الحنث أى الحلم ووقت المؤاخذة بالذنب (وَكانُوا يَقُولُونَ) لغاية عتوهم وعنادهم (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً) أى كان بعض أجزائنا من اللحم والجلد ترابا وبعضها عظاما نخرة وتقديم التراب لعراقته فى الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية وإذا متمحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) لا نفسه لأن ما بعد إن واللام والهمزة لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث وهو المرجع للإنكار* وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيص إنكاره به فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه فى حالة منافية له بالكلية وتكرير الهمزة لتأكيد النكير وتحلية الجملة بأن لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما عسى يتوهم من ظاهر النظم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما فى مثل قوله (أَفَلا تَعْقِلُونَ) على رأى الجمهور فإن المعنى عندهم تعقيب الإنكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين فى المبعوثية بالفعل فى حال كونهم ترابا وعظاما بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له ومرجعه إلى إنكار البعث بعد تلك الحالة وفيه من الدلالة على غلوهم فى الكفر وتماديهم فى الضلال ما لا مزيد عليه وتكرير الهمزة فى قوله تعالى (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) لتأكيد النكير والواو للعطف على المستكن فى لبمعوثون وحسن ذلك الفصل بالهمزة يعنون أن بعث آبائهم الأولين أبعد من الوقوع وقرىء أو آباؤنا (قُلْ) ردا لإنكارهم وتحققا للحق (إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ) من الأمم الذين من جملتهم أنتم وآباؤكم وفى تقديم الأولين مبالغة فى* الرد حيث كان إنكارهم لبعث آبائهم أشد من إنكارهم لبعثهم مع مراعاة الترتيب الوجودى (لَمَجْمُوعُونَ) بعد البعث وقرىء لمجمعون (إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم والإضافة* بمعنى من كخاتم فضة (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ) عطف على أن الأولين داخل تحت القول وثم للتراخى زمانا أو رتبة (الْمُكَذِّبُونَ) أى بالبعث والخطاب لأهل مكة وأضرابهم.*