(لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) (٥٧)
____________________________________
(لَآكِلُونَ) بعد البعث والجمع ودخول جهنم (مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) من الأولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره أى مبتدئون الأكل من شجر هو زقوم وقيل من الثانية متعلقة بمضمر هو وصف لشجر أى كائن من زقوم (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) أى بطونكم من شدة الجوع (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) عقيب ذلك بلا ريث (مِنَ الْحَمِيمِ) أى الماء الحار فى الغاية وتأنيث ضمير الشجر أولا وتذكيره ثانيا باعتبار المعنى واللفظ وقرىء من شجرة فضمير عليه حينئذ للزقوم وقيل للآكل وقوله تعالى (فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ) كالتفسير لما قبله على طريقة قوله تعالى (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) أى لا يكون شربكم شربا معتادا بل يكون مثل شرب الهيم وهى الإبل التى بها الهيام وهو داء يصيبها فتشرب ولا تروى جمع أهيم وهيماء وقيل الهيم الرمال على أنه جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل التى لا يتماسك جمع على فعل كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض والمعنى أنه يسلط عليهم من الجوع والتهاب النار فى أحشائهم ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذى هو كالمهل فإذا ملؤا منه بطونهم وهو فى غاية الحرارة والمرارة سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذى يقطع أمعاءهم فيشربون شرب الهيم وقرىء شرب الهيم بالفتح وهو أيضا مصدر وقرىء بالكسر على أنه اسم المشروب (هذا) الذى ذكر* من أنواع العذاب (نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) أى يوم الجزاء فإذا كان ذلك نزلهم وهو ما يعد للنازل مما حضر فما ظنك بما لهم بعد ما استقر لهم القرار واطمأنت بهم الدار فى النار وفيه من التهكم بهم ما لا يخفى وقرىء نزلهم بسكون الزاى تخفيفا والجملة مسوقة من جهته تعالى بطريق الفذلكة مقررة لمضمون الكلام الملقن غير داخلة تحت القول وقوله تعالى (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الكفرة بطريق الإلزام والتبكيت والفاء لترتيب التحضيض على ما قبلها أى فهلا تصدقون بالخلق فإن ما لا يحققه العمل ولا يساعده بل ينبىء عن خلافه ليس من التصديق فى شىء وقيل بالبعث استدلالا عليه بالإنشاء فإن من قدر عليه قدر على الإعادة حتما والأول هو الوجه كما ستحيط به خبرا.