(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) (٧٢)
____________________________________
* (فَظَلْتُمْ) بسبب ذلك (تَفَكَّهُونَ) تتعجبون من سوء حاله إثر ما شاهدتموه على أحسن ما يكون من الحال أو تندمون على ما تعبتم فيه وأنفقتم عليه أو على ما اقترفتم لأجله من المعاصى فتتحدثون فيه والتفكه التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وقرىء تفكنون أى تتندمون وقرىء فظلتم بالكسر وفظللتم على الأصل (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) أى لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون بهلاك رزقنا من الغرام وهو الهلاك وقرىء أئنا على الاستفهام والجملة على القراءتين مقدرة بقول هو فى حيز النصب على الحالية من فاعل تفكهون أى قائلين أو تقولون إنا لمغرمون (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) حرمنا رزقنا أو محارفون محدودون لا حظ لنا ولا بخت لا مجدودون (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) عذبا فراتا وتخصيص هذا الوصف بالذكر مع كثرة منافعه لأن الشرب أهم المقاصد المنوطة به (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) أى من السحاب واحده مزنة وقيل هو السحاب الأبيض وماؤه أعذب (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) له بقدرتنا (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) ملحا زعاقا لا يمكن شربه وحذف اللام ههنا مع إثباتها فى الشرطية الأولى للتعويل على علم السامع أو الفرق بين المطعوم والمشروب فى الأهمية وصعوبة الفقد والشرطيتان مستأنفتان مسوقتان لبيان أن عصمته تعالى للزرع والماء عما يخل بالتمتع بهما نعمة أخرى بعد نعمة الإنبات والإنزال مستوجبة للشكر فقوله تعالى (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) تحضيض على شكر الكل (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) أى تقدحونها وتستخرجونها من الزناد (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) التى منها الزناد وهى* المرخ والعفار (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) لها بقدرتنا والتعبير عن خلقها بالإنشاء المنبىء عن بديع الصنع المعرب عن كمال القدرة والحكمة لما فيه من الغرابة الفارقة بينها وبين سائر الشجر التى لا تخلو عن النار حتى قيل فى كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار كما أن التعبير عن نفخ الروح بالإنشاء فى قوله تعالى (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) لذلك.