(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦) آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)
____________________________________
* دلائله الواضحة (وَالْباطِنُ) حقيقة فلا تحوم حوله العقول والواو الأولى والأخيرة للجمع بين الوصفين المكتنفين بهما والوسطى للجمع بين المجموعين فهو متصف باستمرار الوجود فى جميع الأوقات والظهور والخفاء (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لا يعزب عن علمه شىء من الظاهر والخفى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) بيان لبعض أحكام ملكهما وقد مر تفسيره مرارا* (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) مر بيانه فى سورة سبأ (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) تمثيل لإحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه أينما داروا وقوله تعالى (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) عبارة عن إحاطته بأعمالهم فتأخيره عن الخلق لما أن المراد به ما يدور عليه الجزاء من العلم التابع للمعلوم لا لما قيل من أنه دليل عليه وقوله تعالى (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تكرير* للتأكيد وتمهيد لقوله تعالى (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أى إليه وحده لا إلى غيره استقلالا أو اشتراكا ترجع جميع الأمور على البناء للمفعول من رجع رجعا وقرىء على البناء للفاعل من رجع رجوعا (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) مر تفسيره مرارا وقوله تعالى (وَهُوَ عَلِيمٌ) أى مبالغ* فى العلم (بِذاتِ الصُّدُورِ) أى بمكنوناتها اللازمة لها بيان لإحاطة علمه تعالى بما يضمرونه من نياتهم بعد بيان إحاطته بأعمالهم التى يظهرونها (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) أى جعلكم خلفاء فى التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة عبر عما بأيديهم من الأموال والأرزاق بذلك تحقيقا للحق وترغيبا لهم فى الإنفاق فإن من علم أنها لله عزوجل وإنما هو بمنزلة الوكيل يصرفها إلى ما عينه الله تعالى من المصارف هان عليه الإنفاق أو جعلكم خلفاء ممن قبلكم فيما كان بأيديهم بتوريثه* إياكم فاعتبروا بحالهم حيث انتقل منهم إليكم وسينتقل منكم إلى من بعدكم فلا تبخلوا به (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا) حسبما أمروا به (لَهُمْ) بسبب ذلك (أَجْرٌ كَبِيرٌ) وفيه من المبالغات ما لا يخفى حيث