(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١٠)
____________________________________
جعل الجملة اسمية وأعيد ذكر الإيمان والإنفاق وكرر الإسناد وفخم الأجر بالتنكير ووصف بالكبير وقوله عزوجل (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) استئناف مسوق لتوبيخهم على ترك الإيمان حسبما أمروا به بإنكار أن يكون لهم فى ذلك عذر ما فى الجملة على أن لا تؤمنون حال من الضمير فى لكم والعامل ما فيه من معنى الاستقرار أى أى شىء حصل لكم غير مؤمنين على توجيه الإنكار والنفى إلى السبب فقط مع تحقق المسبب لا إلى السبب والمسبب جميعا كما فى قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) فإن همزة الاستفهام كما تكون تارة لإنكار الواقع كما فى أتضرب أباك وأخرى لإنكار الوقوع كما فى أأضرب أبى كذلك ما الاستفهامية قد تكون لإنكار سبب الواقع ونفيه فقط كما فيما نحن فيه وفى قوله تعالى (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) فيكون مضمون الجملة الحالية محققا فإن كلا من عدم الإيمان وعدم الرجاء أمر محقق قد أنكر ونفى سببه وقد تكون لإنكار سبب الوقوع ونفيه فيسريان إلى المسبب أيضا كما فى قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) إلى آخره فيكون مضمون الجملة الحالية مفروضا قطعا فإن عدم العبادة أمر مفروض حتما قد أنكر ونفى سببه فانتفى نفسه أيضا وقوله تعالى (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ) * حال من ضمير لا تؤمنون مفيدة لتوبيخهم على الكفر مع تحقق ما يوجب عدمه بعد توبيخهم عليه مع عدم ما يوجبه أى وأى عذر فى ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه وقوله تعالى (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) حال من مفعول يدعوكم أى وقد أخذ الله تعالى ميثاقكم بالإيمان من قبل وذلك بنصب الأدلة والتمكين من النظر وقرىء وقد أخذ مبنيا للمفعول برفع ميثاقكم (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الموجب* ما فان هذا موجب لا موجب وراءه (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ) حسبما يعن لكم من المصالح (آياتٍ بَيِّناتٍ) واضحات (لِيُخْرِجَكُمْ) أى الله تعالى أو العبد بها (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) من ظلمات الكفر* إلى نور الإيمان (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث يهديكم إلى سعادة الدارين بإرسال الرسول وتنزيل* الآيات بعد نصب الحجج العقلية وقوله تعالى (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) توبيخ لهم على ترك