(وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٧) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٨)
____________________________________
الكريم ويرتضيه الذوق السليم. وأما ما قيل بصدد بيان أسباب الأذية من أنهم كانوا يؤذونه عليه الصلاة والسلام بأنواع الأذى من انتقاصه وعيبه فى نفسه وجحود آياته وعصيانه فيما تعود إليهم منافعه وعبادتهم البقر وطلبهم رؤية الله جهرة والتكذيب الذى هو تضييع حق الله وحقه فمما لا تعلق له بالمقام وقوله تعالى (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) إما معطوف على إذ الأولى معمول لعاملها وإما معمول* لمضمر معطوف على عاملها (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) ناداهم بذلك استمالة لقلوبهم إلى تصديقه فى قوله (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) فإن تصديقه عليه الصلاة والسلام إياها من أقوى الدواعى* إلى تصديقهم إياه وقوله تعالى (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي) معطوف على مصدقا داع إلى تصديقه عليه الصلاة والسلام مثله من حيث إن البشارة به واقعة فى التوراة والعامل فيهما ما فى الرسول من معنى الإرسال لا الجار فإنه صلة للرسول والصلات بمعزل من تضمن معنى الفعل وعليه يدور العمل* أى أرسلت إليكم حال كونى مصدقا لما تقدمنى من التوراة ومبشرا بمن يأتى من بعدى من رسول (اسْمُهُ أَحْمَدُ) أى محمد صلىاللهعليهوسلم يريد أن دينى التصديق بكتب الله وأنبيائه جميعا ممن تقدم وتأخر* وقرىء من بعدى بفتح الياء (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أى بالمعجزات الظاهرة (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) مشيرين إلى ما جاء به أو إليه عليه الصلاة والسلام وتسميته سحرا للمبالغة ويؤيده قراءة من قرأ هذا ساحر (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) أى أى الناس أشد ظلما ممن يدعى إلى الإسلام الذى يوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله عزوجل بقوله لكلامه الذى هو دعاء عباده إلى الحق هذا سحر أى هو أظلم من كل ظالم وإن لم يتعرض ظاهر* الكلام لنفى المساوى وقد مر بيانه غير مرة وقرىء يدعى يقال دعاه وادعاه مثل لمسه والتمسه (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أى لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم لعدم توجههم إليه (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ) أى يريدون أن يطفئوا دينه أو كتابه أو حجته النيرة واللام مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيدا لها كما زيدت لما فيها من معنى الإضافة تأكيدا لها فى لا أبالك أو يريدون الافتراء ليطفئوا نور الله* (بِأَفْواهِهِمْ) بطعهم فيه مثلت حالهم بحال من ينفخ فى نور الشمس بفيه ليطفئه (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) أى* مبلغه إلى غايته بنشره فى الآفاق وإعلائه وقرىء متم نوره بلا إضافة (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) أى إرغاما