(ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤) مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٧)
____________________________________
العظيم واصطفاه من بين كافة البشر (ذلِكَ) الذى امتاز به من بين سائر الأفراد (فَضْلُ اللهِ) وإحسانه* (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) تفضيلا وعطية (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الذى يستحقر دونه نعيم الدنيا ونعيم الآخرة (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ) أى علموها وكلفوا العمل بها (ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها) أى لم يعملوا بما فى تضاعيفها* من الآيات التى من جملتها الآيات الناطقة بنبوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) أى كتبا من العلم يتعب بحملها ولا ينتفع بها ويحمل إما حال والعامل فيها معنى المثل أو صفة للحمار* إذ ليس المراد به معينا فهو فى حكم النكرة كما فى قول من قال [ولقد أمر على اللئيم يسبنى] (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) أى بئس مثلا مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله على أن التمييز محذوف والفاعل المفسر به مستتر ومثل القوم هو المخصوص بالذم والموصول صفة للقوم أو بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا الخ على أن مثل القوم فاعل بئس والمخصوص بالذم محذوف وهم اليهود الذين كذبوا* بما فى التوراة من الآيات الشاهدة بصحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الواضعين للتكذيب فى موضع التصديق أو الظالمين لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) أى تهودوا (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ) كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه ويدعون أن الدار الآخرة لهم عند الله خالصة ويقولون لن يدخل الجنة إلا من كان هودا فأمر رسول* الله صلىاللهعليهوسلم بأن يقول لهم إظهارا لكذبهم إن زعمتم ذلك (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) أى فنمنوا من* الله أن يميتكم وينقلكم من دار البلية إلى دار الكرامة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه إن كنتم صادقين فى زعمكم واثقين بأنه حق فتمنوا الموت فإن من أيقن بأنه من أهل الجنة أحب أن يتخلص إليها من هذه الدار التى هى قرارة الأكدار (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً) إخبار بما سيكون* منهم والباء فى قوله تعالى (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) متعلقة بما يدل عليه النفى أى يأبون التمنى بسبب ما عملوا من الكفر والمعاصى الموجبة لدخول النار ولما كانت اليد من بين جوارح الإنسان مناط عامة أفاعيله* عبر بها تارة عن النفس وأخرى عن القدرة (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أى بهم وإيثار الإظهار على الإضمار