(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠)
____________________________________
لذمهم والتسجيل عليهم بأنهم ظالمون فى كل ما يأتون وما يذرون من الأمور التى من جملتها ادعاء ما هم عنه بمعزل والجملة تذييل لما قبلها مقررة لمضمونه أى عليم بهم وبما صدر عنهم من فنون الظلم والمعاصى المفضية إلى أفانين العذاب وبما سيكون منهم من الاحتراز عما يؤدى إلى ذلك فوقع الأمر كما ذكر فلم يتمن منهم موته أحد كما يعرب عنه قوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) فإن ذلك إنما يقال لهم بعد ظهور فرارهم من التمنى وقد قال عليه الصلاة والسلام لو تمنوا لماتوا من ساعتهم وهذه إحدى المعجزات أى إن الموت الذى تفرون منه ولا تجسرون على أن تتمنوه مخافة أن تؤخذوا بوبال كفركم (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط باعتبار* الوصف وقرىء بدونها وقرىء تفرون منه ملاقيكم (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) الذى لا تخفى* عليه خافية (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من الكفر والمعاصى بأن يجازيكم بها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ) أى فعل النداء لها أى أذن لها (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) بيان لإذا وتفسير لها وقيل من بمعنى فى كما* فى قوله تعالى (أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) أى فى الأرض وإنما سمى جمعة لاجتماع الناس فيه للصلاة وقيل أول من سماها جمعة كعب بن لؤى وكانت العرب تسميه العروبة وقيل إن الأنصار قالوا قبل الهجرة لليهود يوم يجتمعون فيه بكل سبعة أيام وللنصارى مثل ذلك فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله فيه ونصلى فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه فأنزل الله آية الجمعة فهى أول جمعة كانت فى الإسلام. وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو أنه لما قدم مهاجرا نزل قباء على بنى عمرو بن عوف وأقام بها يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة فى بنى سالم بن عوف فى بطن واد لهم فخطب وصلى الجمعة (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) أى امشوا واقصدوا إلى الخطبة والصلاة (وَذَرُوا الْبَيْعَ) * واتركوا المعاملة (ذلِكُمْ) أى السعى إلى ذكر الله وترك البيع (خَيْرٌ لَكُمْ) من مباشرته فإن نفع الآخرة* أجل وأبقى (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أى الخير والشر الحقيقيين أو إن كنتم أهل العلم (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ)