(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٢) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٤)
____________________________________
أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وقيل يهد قلبه أى يلطف به ويشرحه لازدياد الطاعة والخير وقرىء يهد قلبه على البناء للمفعول ورفع قلبه وقرىء بنصبه على نهج سفه نفسه وقرىء* يهدأ قلبه بالهمزة أى يسكن (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) من الأشياء التى من جملتها القلوب وأحوالها (عَلِيمٌ) فيعلم إيمان المؤمن ويهدى قلبه إلى ما ذكر (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) كرر الأمر لتأكيد والإيذان* بالفرق بين الطاعتين فى الكيفية وتوضيح مورد التولى فى قوله تعالى (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أى عن إطاعة الرسول* وقوله تعالى (فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) تعليل للجواب المحذوف أى فلا بأس عليه إذ ما عليه إلا التبليغ المبين وقد فعل ذلك بما لا مزيد عليه وإظهار الرسول مضافا إلى نون العظمة فى مقام إضماره لتشريفه عليه الصلاة والسلام والإشعار بمدار الحكم الذى هو كون وظيفته عليه الصلاة والسلام محض البلاغ ولزيادة تشنيع التولى عنه (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) جملة من مبتدأ وخبر أى هو المستحق* للمعبودية لا غيره وفى إضمار خبر لا مثل فى الوجود أو يصح أن يوجد خلاف للنحاة معروف (وَعَلَى اللهِ) أى عليه تعالى خاصة دون غيره لا استقلالا ولا اشتراكا (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) وإظهار الجلالة فى موقع الإضمار للإشعار بعلة التوكل والأمر به فإن الألوهية مقتضية للتبتل إليه تعالى بالكلية وقطع التعلق عما سواه بالمرة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) يشغلونكم عن طاعة* الله تعالى أو يخاصمونكم فى أمور الدين أو الدنيا (فَاحْذَرُوهُمْ) الضمير للعدو فإنه يطلق على الجمع نحو قوله تعالى (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) أو للأزواج والأولاد جميعا فالمأمور به على الأول الحذر عن الكل وعلى الثانى* إما الحذر عن البعض لأن منهم من ليس بعدو وإما الحذر عن مجموع الفريقين لاشتمالهم على العدو (وَإِنْ تَعْفُوا) عن ذنوبهم القابلة للعفو بأن تكون متعلقة بأمور الدنيا أو بأمور الدين لكن مقارنة للتوبة* (وَتَصْفَحُوا) بترك التثريب والتعيير (وَتَغْفِرُوا) بإخفائها وتمهيد عذرها (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعاملكم بمثل ما عملتم ويتفضل عليكم وقيل إن ناسا من المؤمنين أرادوا الهجرة عن مكة فثبطهم أزواجهم وأولادهم وقالوا تنطلقوا وتضيعوننا فرقوا لهم ووقفوا فلما هاجروا بعد ذلك ورأوا المهاجرين الأولين قد فقهوا فى الدين أرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم فزين لهم العفو وقيل قالوا لهم أين تذهبون وتدعون بلدكم وعشيرتكم وأموالكم فغضبوا عليهم وقالوا لئن جمعنا الله فى دار الهجرة لم نصبكم بخير فلما هاجروا ومنعوهم الخير فحثوا على أن يعفوا عنهم ويردوا إليهم البر والصلة.