(وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) (٥)
____________________________________
يوم القيامة وقال عليه الصلاة والسلام إنى لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم ومن يتق الله فما زال يقرؤها ويعيدها. وروى أن عوف بن الأشجعى أسر المشركون ابنه سالما فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أسر ابنى وشكا إليه الفاقة فقال عليه الصلاة والسلام اتق الله وأكثر قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ففعل فبينا فى بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل غفل عنها العدو* فاستاقها فنزلت (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أى كافيه فى جميع أموره (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) بالإضافة أى منفذ أمره وقرىء بتنوين بالغ ونصب أمره أى يبلغ ما يريده لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب وقرىء برفع أمره على أنه مبتدأ وبالغ خبر مقدم والجملة خبر إن أو بالغ خبر إن وأمره مرتفع به على* الفاعلية أى نافذ أمره وقرىء بالغا أمره على أنه حال وخبر إن قوله تعالى (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أى تقديرا وتوقيتا أو مقدارا وهو بيان لوجوب التوكل عليه تعالى وتفويض الأمر إليه لأنه إذا علم أن كل شىء من الرزق وغيره لا يكون إلا بتقديره تعالى لا يبقى إلا التسليم للقدر والتوكل على الله تعالى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ) لكبرهن وقد قدروه بستين سنة وبخمس وخمسين (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أى شككتم وجهلتم كيف عدتهن (فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) بعد لصغرهن أى* فعدتهن أيضا كذلك فحذف ثقة بدلالة ما قبله عليه (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ) أى منتهى عدتهن (أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) سواء كن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن وقد نسخ به عموم قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) لتراخى نزوله عن ذلك لما هو المشهور من قول ابن مسعود رضى الله عنه من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد التى فى سورة البقرة وقد صح أن سبيعة بنت الحرث الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول* الله صلىاللهعليهوسلم فقال لها قد حللت فتزوجى (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) فى شأن أحكامه ومراعاة حقوقها (يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) أى يسهل عليه أمره ويوقفه للخير (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من الأحكام وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان ببعد منزلته فى الفضل وإفراد الكاف مع* أن الخطاب للجمع كما يفصح عنه قوله تعالى (أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) لما أنها لمجرد الفرق بين الحاضر والمنقضى لا لتعيين خصوصية المخاطبين وقد مر فى قوله تعالى (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) * من سورة البقرة (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) بالمحافظة على أحكامه (يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) فإن الحسنات يذهبن السيئات* (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) بالمضاعفة.