(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (٤) عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٥)
____________________________________
نفسى فرحا بالكرامة التى خص الله تعالى بها أباها (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) أى عن تعريف بعض تكرما* قيل هو حديث مارية (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) أى أخبر النبى عليه الصلاة والسلام حفصة بما عرفه من الحديث* (قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) أى إفشاءها للحديث (قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) الذى لا تخفى عليه خافية (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة فى العتاب (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) الفاء للتعليل* كما فى قولك اعبد ربك فالعبادة حق أى فقد وجد منكما ما يوجب التوبة من ميل قلوبكما عما يجب عليكما من مخالصة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه وقرىء فقد زاغت (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) بإسقاط إحدى التاءين وقرىء على الأصل وبتشديد الظاء وتظهرا أى تتعاونا عليه بما يسوؤه من الإفراط فى الغير وإفشاء سره (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) أى فلن يعدم* من يظاهره فإن الله هو ناصره وجبريل رئيس الكروبيين قرينه ومن صلح من المؤمنين أتباعه وأعوانه قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أراد بصالح المؤمنين أبا بكر وعمر رضى الله عنهما وقد روى ذلك مرفوعا إلى النبى عليه الصلاة والسلام وبه قال عكرمة ومقاتل وهو اللائق بتوسيطه بين جبريل والملائكة عليهمالسلام فإنه جمع بين الظهير المعنوى والظهير الصورى كيف لا وإن جبريل ظهير له عليهماالسلام يؤيد ، بالتأييدات الإلهية وهما وزيراه وظهيراه فى تدبير أمور الرسالة وتمشية أحكامها الظاهرة ولأن بيان مظاهرتهما له عليه الصلاة والسلام أشد تأثيرا فى قلوب بنتيهما وتوهينا لأمرهما فكان حقيقا بالتقديم بخلاف ما إذا أريد به جنس الصالحين كما هو المشهور (وَالْمَلائِكَةُ) مع تكاثر عددهم وامتلاء* السموات من جموعهم (بَعْدَ ذلِكَ) قيل أى بعد نصرة الله عزوجل وناموسه الأعظم وصالح المؤمنين* (ظَهِيرٌ) أى فوج مظاهر له كأنهم يد واحدة على من يعاديه فماذا يفيد تظاهر امرأتين على من هؤلاء* ظهراؤه وما ينبىء عنه قوله تعالى (بَعْدَ ذلِكَ) من فضل نصرتهم على نصرة غيرهم من حيث إن نصرة الكل نصرة الله تعالى وإن نصرته تعالى بهم وبمظاهرتهم أفضل من سائر وجوه نصرته هذا ما قالوه ولعل الأنسب أن يجعل ذلك إشارة إلى مظاهرة صالح المؤمنين خاصة ويكون بيان بعدية مظاهرة الملائكة تداركا لما يوهمه الترتيب الذكرى من أفضلية المقدم فكأنه قيل بعد ذكر مظاهرة صالح المؤمنين وسائر الملائكة بعد ذلك ظهير له عليه الصلاة والسلام إيذانا بعلو رتبة مظاهرتهم وبعد منزلتها وجبرا لفصلها عن مظاهرة جبريل عليهالسلام (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ) أى يعطيه عليهالسلام بدلكن*