(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢)
____________________________________
بيان لما صدر عنهما من الجناية العظيمة مع تحقق ما ينفيها من صحبة النبى أى خانتاهما بالكفر والنفاق وهذا تصوير لحالهما المحاكية لحال هؤلاء الكفرة فى خيانتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بالكفر* والعصيان مع تمكنهم التام من الإيمان والطاعة وقوله تعالى (فَلَمْ يُغْنِيا) الخ بيان لما أدى إليه خيانتهما* أى فلم يغن النبيان (عَنْهُما) بحق الزواج (مِنَ اللهِ) أى من عذابه تعالى (شَيْئاً) أى شيئا من الإغناء* (وَقِيلَ) لهما عند موتهما أو يوم القيامة (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) أى مع سائر الداخلين من الكفرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء عليهمالسلام (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) أى جعل حالها مثلا لحال المؤمنين فى أن وصلة الكفرة لا تضرهم حيث كانت فى الدنيا تحت أعدى أعداء* الله وهى فى أعلى غرف الجنة وقوله تعالى (إِذْ قالَتْ) ظرف لمحذوف أشير إليه أى ضرب الله مثلا* للمؤمنين حالها إذ قالت (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) قريبا من رحمتك أو فى أعلى درجات المقربين. * روى أنها لما قالت ذلك أريت بيتها فى الجنة درة وانتزع روحها (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) أى من نفسه الخبيثة وعمله السيىء (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) من القبط التابعين له فى الظلم (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ) عطف على امرأة فرعون تسلية للأرامل أى وضرب الله مثلا للذين آمنوا حالها وما أوتيت من كرامة* الدنيا والآخرة والاصطفاء على نساء العالمين مع كون قومها كفارا (الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ) * وقرىء فيها أى مريم (مِنْ رُوحِنا) من روح خلقناه بلا توسط أصلا (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) بصحفه* المنزلة أو بما أوحى إلى أنبيائه (وَكُتُبِهِ) بجميع كتبه المنزلة وقرىء بكلمة الله وكتابه أى بعيسى* وبالكتاب المنزل عليه وهو الإنجيل (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أى من عداد المواظبين على الطاعة والتذكير للتغليب والإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعات الرجال حتى عدت من جملتهم أو من نسلهم لأنها من أعقاب هارون أخى موسى عليهماالسلام. عن النبى صلىاللهعليهوسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلوات الله عليه وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام وعن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة التحريم آتاه الله توبة نصوحا.
(تم الجزء الثامن ويليه الجزء التاسع وأوله سورة الملك)