(وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨) لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) (٤٩)
____________________________________
الدنيا أو لقال فالقول يوم القيامة أى يقولون حين يرونهم على تلك الحال وصيغة الماضى للدلالة على تحققه وقوله تعالى (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) إما من تمام كلامهم أو تصديق من الله تعالى لهم (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ) رفع العذاب عنهم (مِنْ دُونِ اللهِ) حسبما كانوا يرجون ذلك فى الدنيا (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) يؤدى سلوكه إلى النجاة (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ) إذا دعاكم إلى الإيمان على لسان نبيه (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) أى لا يرده الله بعد ما حكم به على أن من صلة مرد أو من قبل أن يأتى من الله يوم لا يمكن رده (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) أى مفر تلتجئون إليه (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) أى إنكاره لما اقترفتموه لأنه مدون فى صحائف أعمالكم وتشهد عليكم جوارحكم (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) تلوين للكلام وصرف له عن خطاب الناس بعد أمرهم بالاستجابة وتوجيه له إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أى فإن لم يستجيبوا وأعرضوا عما تدعوهم إليه فما أرسلناك رقيبا ومحاسبا عليهم (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) وقد فعلت (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) أى نعمة من الصحة والغنى والأمن (فَرِحَ بِها) أريد بالإنسان الجنس لقوله تعالى* (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أى بلاء من مرض وفقر وخوف (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) بليغ الكفر ينسى النعمة رأسا ويذكر البلية ويستعظمها ولا يتأمل سببها بل يزعم أنها أصابته بغير استحقاق لها وإسناد هذه الخصلة إلى الجنس مع كونها من خواص المجرمين لغلبتهم فيما بين الأفراد وتصدير الشرطية الأولى بإذا مع إسناد الإذاقة إلى نون العظمة للتنبيه على أن إيصال النعمة محقق الوجود كثير الوقوع وأنه مقتضى الذات كما أن تصدير الثانية بأن وإسناد الإصابة إلى السيئة وتعليلها بأعمالهم للإيذان بندرة وقوعها وأنها بمعزل عن الانتظام فى سلك الإرادة بالذات ووضع الظاهر موضع الضمير للتسجيل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فمن قضيته أن يملك التصرف فيهما وفى كل ما فيهما كيفما يشاء ومن جملته أن يقسم النعمة والبلية حسبما يريده (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) مما تعلمه ومما لا تعلمه (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) من الأولاد (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ)