(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠) وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٥١)
____________________________________
منهم من غير أن يكون فى ذلك مدخل لأحد (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) أى يقرن بين الصنفين فيهبهما جميعا (ذُكْراناً وَإِناثاً) قالوا معنى يزوجهم أن تلد غلاما ثم جارية أو جارية ثم غلاما أو تلد ذكرا وأنثى توأمين (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) والمعنى يجعل أحوال العباد فى حق الأولاد مختلفة على ما تقتضيه المشيئة فيهن فيهب لبعض إما صنفا واحدا من ذكر أو أنثى وإما صنفين ويعقم آخرين ولعل تقديم الإناث لأنها أكثر لتكثير النسل أو لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما تتعلق به مشيئته تعالى لا ما تتعلق به مشيئة الإنسان والإناث كذلك أو لأن الكلام فى البلاء والعرب تعدهن أعظم البلايا أو لتطييب قلوب آبائهن أو للمحافظة على الفواصل ولذلك عرف الذكور أو لجبر التأخير وتغيير العاطف فى الثالث لانه قسيم المشترك بين القسمين ولا حاجة إليه فى الرابع لإفصاحه بأنه قسيم المشترك بين الأقسام المتقدمة وقيل المراد بيان أحوال الأنبياء عليهمالسلام حيث وهب لشعيب ولوط إناثا ولإبراهيم ذكورا وللنبى صلىاللهعليهوسلم ذكورا وإناثا وجعل يحيى وعيسى عقيمين (إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) مبالغ فى العلم والقدرة فيفعل ما فيه حكمة ومصلحة (وَما كانَ لِبَشَرٍ) أى وما صح لفرد من أفراد البشر (أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ) بوجه من الوجوه (إِلَّا وَحْياً) أى إلا بأن يوحى إليه ويلهمه ويقذف فى قلبه كما أوحى إلى أم موسى وإلى إبراهيم عليهماالسلام فى ذبح ولده وقد روى عن مجاهد أوحى الله الزبور إلى دواود عليهالسلام فى صدره أو بأن يسمعه كلامه الذى يخلقه فى بعض الأجرام من غير أن يبصر السامع من يكلمه وهو المراد بقوله تعالى (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) فإنه تمثيل له بحال الملك المحتجب الذى يكلم بعض خواصه من وراء الحجاب يسمع صوته ولا يرى شخصه وذلك كما كلم موسى وكما يكلم الملائكة عليهمالسلام أو بأن يكلمه بواسطة الملك وذلك قوله تعالى (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً) أى ملكا (فَيُوحِيَ) ذلك الرسول إلى المرسل إليه الذى هو الرسول البشرى (بِإِذْنِهِ) أى بأمره تعالى وتيسيره (ما يَشاءُ) أن يوحيه إليه وهذا هو الذى يجرى بينه تعالى وبين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فى عامة الأوقات من الكلام وقيل قوله تعالى (وَحْياً) وقوله تعالى (أَوْ يُرْسِلَ) مصدران واقعان موقع الحال وقوله تعالى (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) ظرف واقع موقعها والتقدير وما صح أن يكلم الا موحيا أو مسمعا من وراء حجاب أو مرسلا وقرىء أو يرسل بالرفع على إضمار مبتدأ وروى أن اليهود قالت للنبى صلىاللهعليهوسلم ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه موسى ونظر إليه فإنا لن نؤمن حتى تفعل ذلك فقال عليهالسلام لم ينظر موسى عليهالسلام إلى الله تعالى فنزلت وعن عائشة رضى الله عنها من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ثم قالت رضى الله عنها