إعدادات
تفسير أبي السّعود [ ج ٨ ]
تفسير أبي السّعود [ ج ٨ ]
المؤلف :أبي السعود محمّد بن محمّد العمادي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :271
تحمیل
(الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (٦٧) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٣)
____________________________________
(الْأَخِلَّاءُ) المتحابون فى الدنيا على الإطلاق أو فى الأمور الدنيوية (يَوْمَئِذٍ) يوم إذ تأتيهم الساعة* (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) لانقطاع ما بينهم من علائق الخلة والتحاب لظهور كونها أسبابا للعذاب (إِلَّا الْمُتَّقِينَ) فإن خلتهم فى الدنيا لما كانت فى الله تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار خلتهم من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الأول متصل وعلى الثانى منقطع (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون فى الله يومئذ تشريفا لهم وتطيبا لقلوبهم (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) صفة للمنادى أو نصب على المدح (وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أى مخلصين وجوههم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا وهو حال من واو آمنوا عن مقاتل إذا بعث الله الناس فزع كل أحد فينادى مناد يا عبادى فيرفع الخلائق رؤسهم على الرجاء ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس أهل الأديان الباطلة رؤسهم (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) نساؤكم المؤمنات (تُحْبَرُونَ) تسرون سرورا يظهر حباره أى أثره على وجوهكم أو تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراما بليغا والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل (يُطافُ عَلَيْهِمْ) بعد دخولهم الجنة حسبما أمروا به (بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) كذلك والصحاف جمع صحفة قيل هى كالقصعة وقيل أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة ثم* المكيلة والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له (وَفِيها) أى فى الجنة (ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ) من* فنون الملاذ وقرىء ما تشتهى (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) أى تستلذه وتقر بمشاهدته وقرىء وتلذه (وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) إتمام للنعمة وإكمال للسرور فإن كل نعيم له زوال بالآخرة مقارن لخوفه لا محالة والالتفات للتشريف (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ) مبتدأ وخبر (الَّتِي أُورِثْتُمُوها) وقرىء ورثتموها (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فى الدنيا من الأعمال الصالحة شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه العامل عليه وقيل تلك الجنة مبتدأ وصفة والموصول مع صلته خبره وقيل هو صفة الجنة كالوجه الأول والخبر بما كنتم تعملون فتتعلق الباء بمحذوف لا بأورثتموها كما فى الأولين (لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ) بحسب الأنواع والأصناف