(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ(٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) (٧٩)
____________________________________
لا بحسب الأفراد فقط (مِنْها تَأْكُلُونَ) أى بعضها تأكلون فى كل نوبة وأما الباقى فعلى الأشجار على* الدوام لا ترى فيها شجرة خلت عن ثمرها لحظة فهى مزينة بالثمار أبدا موقرة بها وعن النبى صلىاللهعليهوسلم لا ينزع رجل فى الجنة من ثمرها إلا نبت مثلاها مكانها (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) أى الراسخين فى الإجرام وهم الكفار حسبما ينبىء عنه إيرادهم فى مقابلة المؤمنين بالآيات (فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ) * خبر إن أو خالدون هو الخبر وفى متعلقة به (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) أى لا يخفف العذاب عنهم من قولهم فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلا والتركيب للضعف (وَهُمْ فِيهِ) أى فى العذاب وقرىء فيها أى فى النار (مُبْلِسُونَ) * آيسون من النجاة (وَما ظَلَمْناهُمْ) بذلك (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) لتعريضهم أنفسهم للعذاب الخالد (وَنادَوْا) خازن النار (يا مالِكُ) وقرىء يا مال على الترخيم بالضم والكسر ولعله رمز إلى ضعفهم وعجزهم عن تأدية اللفظ بتمامه (لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) أى ليمتنا حتى نستريح من قضى عليه إذا أماته والمعنى* سل ربك أن يقضى علينا وهذا لا ينافى ما ذكر من إبلاسهم لأنه جؤار وتمن للموت لفرط الشدة (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) أى فى العذاب أبدا لا خلاص لكم منه بموت ولا بغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه لا يجيبهم إلا بعد ألف سنة وقيل بعد مائة وقيل بعد أربعين سنة (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ) فى الدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب وهو خطاب توبيخ وتقريع من جهة الله تعالى مقرر لجواب مالك ومبين لسبب مكثهم وقيل فى قال ضمير الله تعالى (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ) أى حق كان (كارِهُونَ) لا يقبلونه* وينفرون عنه أما الحق المعهود الذى هو التوحيد أو القرآن فكلهم كارهون له مشمئزون منه (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) كلام مبتدأ ناع على المشركين ما فعلوا من الكيد برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من توبيخ أهل النار إلى حكاية جناية هؤلاء والهمزة للإنكار فإن أريد بالإبرام الأحكام حقيقة فهى لإنكار الوقوع واستبعاده وإن أريد الأحكام صورة فهى لإنكار الواقع واستقباحه أى أأبرم مشركو مكة أمرا من كيدهم ومكرهم برسول الله صلى الله عليه (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) كيدنا حقيقة لاهم أو فإنا مبرمون كيدنا بهم حقيقة كما أبرموا كيدهم صورة كقوله* تعالى (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) وكانوا يتناجون فى أنديتهم ويتشاورون فى أموره