(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠) قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٨٣) وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (٨٤)
____________________________________
عليه الصلاة والسلام (أَمْ يَحْسَبُونَ) أى بل أيحسبون (أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ) وهو ما حدثوا به أنفسهم* أو غيرهم فى مكان خال (وَنَجْواهُمْ) أى ما تكلموا به فيما بينهم بطريق التناجى (بَلى) نحن نسمعهما* ونطلع عليهما (وَرُسُلُنا) الذين يحفظون عليهم أعمالهم ويلازمونهم أينما كانوا (لَدَيْهِمْ) عندهم (يَكْتُبُونَ) أى يكتبونهما أو يكتبون كل ما صدر عنهم من الأفعال والأقوال التى من جملتها ما ذكر من سرهم ونجواهم والجملة إما عطف على ما يترجم عنه بلى أو حال أى نسمعهما والحال أن رسلنا يكتبون (قُلْ) أى للكفرة تحقيقا للحق وتنبيها لهم على أن مخالفتك لهم بعدم عبادتك لما يعبدونه من الملائكة عليهمالسلام ليست لبغضك وعداوتك لهم أو لمعبوديهم بل إنما هو لجزمك باستحالة ما نسبوا إليهم وبنوا* عليه عبادتهم من كونهم بنات الله تعالى (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) أى له وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام أعلم الناس بشؤنه تعالى وبما يجوز عليه وبما لا يجوز وأولاهم بمراعاة حقوقه ومن مواجب تعظيم الوالد تعظيم ولده وفيه من الدلالة على انتفاء كونهم كذلك على أبلغ الوجوه وأقواها وعلى كون رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قوة يقين وثبات قدم فى باب التوحيد ما لا يخفى مع ما فيه من استنزال الكفرة عن رتبة المكابرة حسبما يعرب عنه إيراد أن مكان لو المنبئة عن امتناع مقدم الشرطية وقيل إن كان للرحمن ولد فى زعمكم فأنا أول العابدين الموحدين لله تعالى وقيل فأنا أول الآنفين أى المستنكفين منه أو من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفه وقيل إن نافية أى ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وقرىء ولد (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) أى يصفونه به من أن يكون له ولد وفى إضافة اسم الرب إلى أعظم الأجرام وأقواها تنبيه على أنها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيته كيف يتوهم أن يكون شىء منها جزأ منه سبحانه وفى تكرير اسم الرب تفخيم لشأن العرش (فَذَرْهُمْ) حيث لم يذعنوا للحق بعد ما سمعوا* هذا البرهان الجلى (يَخُوضُوا) فى أباطيلهم (وَيَلْعَبُوا) فى دنياهم فإن ما هم فيه من الأفعال والأقوال* ليست إلا من باب الجهل واللعب والجزم فى الفعل لجواب الأمر (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) من يوم القيامة فإنهم يومئذ يعلمون ما فعلوا وما يفعل بهم (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) الظرفان متعلقان بالمعنى الوصفى الذى ينبىء عنه الاسم الجليل من معنى المعبودية بالحق بناء على اختصاصه