(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧) لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) (٩)
____________________________________
كل أمر حكيم وقرىء نفرق بنون العظمة (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) نصب على الاختصاص أى أعنى بهذا الأمر* أمرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا وهو بيان لفخامته الإضافية بعد بيان فخامته الذاتية ويجوز كونه حالا من كل أمر لتخصصه بالوصف أو من ضميره فى حكيم وقد جوز أن يراد به مقابل النهى ويجعل مصدرا مؤكدا ليفرق لاتحاد الأمر والفرقان فى المعنى أو لفعله المضمر لما أن الفرق به أو حالا من أحد ضميرى أنزلناه أى آمرين أو مأمورا به (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) بدل من إنا كنا منذرين وقيل جواب ثالث وقيل* مستأنف وقوله تعالى (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) غاية للإرسال متأخرة عنه على أن المراد بها الرحمة الواصلة إلى العباد وباعث متقدم عليه على أن المراد مبدوها أى إنا أنزلنا القرآن لأن من عادتنا إرسال الرسل بالكتب إلى العباد لأجل إفاضة رحمتنا عليهم أو لاقتضاء رحمتنا السابقة إرسالهم ووضع الرب موضع الضمير للإيذان بأن ذلك من أحكام الربوبية ومقتضياتها وإضافته إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لتشريفه أو تعليل ليفرق أو لقوله تعالى (أَمْراً) على أن قوله تعالى (رَحْمَةً) مفعول للإرسال كما فى قوله تعالى (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ) أى يفرق فيها كل أمر أو تصدر الأوامر من عندنا لأن من عادتنا إرسال رحمتنا ولا ريب فى أن كلا من قسمة الأرزاق وغيرها والأوامر الصادرة منه تعالى من باب الرحمة فإن الغاية لتكليف العباد تعريضهم للمنافع وقرىء رحمة بالرفع أى تلك رحمة وقوله تعالى (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) * تحقيق لربوبيته تعالى وأنها لا تحق إلا لمن هذه نعوته (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) بدل من أو بيان أو نعت وقرىء بالرفع على أنه خبر آخر أو استئناف على إضمار مبتدأ (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) * أى إن كنتم من أهل الإيقان فى العلوم أو إن كنتم موقنين فى إقراركم بأنه تعالى رب السموات والأرض وما بينهما إذا سئلتم من خلقها فقلتم الله علمتم أن الأمر كما قلنا أو إن كنتم مريدين اليقين فاعلموا ذلك (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) جملة مستأنفة مقررة لما قبلها وقيل خبر لقوله (رَبِّ السَّماواتِ) الخ (وَما بَيْنَهُما) اعتراض (يُحْيِي وَيُمِيتُ) مستأنفة كما قبلها وكذا قوله تعالى (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) بإضمار مبتدأ أو بدل* من رب السموات على قراءة الرفع أو بيان أو نعت له وقيل فاعل ليميت وفى يحيى ضمير راجع إلى رب السموات وقرىء بالجر بدلا من رب السموات على قراءة الجر (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ) مما ذكر من شئونه تعالى غير موقنين فى إقرارهم (يَلْعَبُونَ) لا يقولون ما يقولون عن جد وإذعان بل مخلوطا بهزؤ ولعب*