(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣) وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٤) ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (٣٥)
____________________________________
وقوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) أى فى جنته تفصيل لما يفعل بالأمم بعد بيان ما خوطبوا به من الكلام المنطوى على الوعد والوعيد (ذلِكَ) أى الذى ذكر من* الإدخال فى رحمته تعالى (هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الظاهر كونه فوزا لا فوز وراءه (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) أى يقال لهم بطريق التوبيخ والتقريع ألم يكن تأتيكم رسلى فلم تكن آياتى تتلى عليكم فحذف المعطوف عليه ثقة بدلالة القرينة عليه (فَاسْتَكْبَرْتُمْ) عن الإيمان بها (وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ) أى قوما عادتهم الإجرام (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) أى ما وعده من الأمور الآتية أو وعده بذلك (حَقٌّ) أى واقع لا محالة أو مطابق للواقع (وَالسَّاعَةُ) التى هى أشهر ما وعده (لا رَيْبَ فِيها) * أى فى وقوعها وقرىء والساعة بالنصب عطفا على اسم إن وقراءة الرفع للعطف على محل إن واسمها (قُلْتُمْ) لغاية عتوكم (ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) أى أى شىء هى استغرابا لها (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) أى ما نفعل* إلا ظنا وقد مر تحقيقه فى قوله تعالى (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) وقيل ما نعتقد إلا ظنا أى لا علما وقيل ما نحن إلا نظن ظنا وقيل ما نظن إلا ظنا ضعيفا ويرده قوله تعالى (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) أى لا مكانه فإن مقابل* الإستيقان مطلق الظن لا الضعيف منه ولعل هؤلاء غير القائلين ما هى إلا حياتنا الدنيا (وَبَدا لَهُمْ) أى ظهر لهم حينئذ (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) على ما هى عليه من الصورة المنكرة الهائلة وعاينوا وخامة عاقبتها أو جزاءها* فإن جزاء السيئة سيئة (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من الجزاء والعقاب (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) نترككم فى العذاب ترك المنسى (كَما نَسِيتُمْ) فى الدنيا (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أى كما تركتم عدته ولم تبالوا به وإضافة* اللقاء إلى اليوم إضافة المصدر إلى ظرفه (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أى ما لأحد منكم* ناصر واحد يخلصكم منها (ذلِكُمْ) العذاب (بِأَنَّكُمُ) بسبب أنكم (اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً) مهزوءا