(قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٩)
____________________________________
* على أنه خبر كان أى ما كان متمسكا لهم شىء من الأشياء (إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فى أنا نبعث بعد الموت أى هذا القول الباطل الذى يستحيل أن يكون من قبيل الحجة وتسمية حجة إما لسوقهم إياه مساق الحجة على سبيل التهكم بهم أو لأنه من قبيل [تحية بينهم ضرب وجيع] وقرىء برفع حجتهم على أنها اسم كان فالمعنى ما كان حجتهم شيئا من الأشياء إلا هذا القول الباطل (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) ابتداء (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم لا كما تزعمون من أنكم تحيون وتموتون بحكم الدهر* (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) بعد الموت (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) للجزاء (لا رَيْبَ فِيهِ) أى فى جمعكم فإن من قدر على البدء قدر على الإعادة والحكمة اقتضت الجمع للجزاء لا محالة والوعد المصدق بالآيات دل على وقوعها حتما* والإتيان بآبائهم حيث كان مزاحما للحكمة التشريعية امتنع إيقاعه (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) استدراك من قوله تعالى (لا رَيْبَ فِيهِ) وهو إما من تمام الكلام المأمور به أو كلام مسوق من جهته تعالى تحقيقا للحق وتنبيها على أن ارتيابهم لجهلهم وقصورهم فى النظر والتفكر لا لأن فيه شائبة ريب ما (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بيان لاختصاص الملك المطلق والتصرف الكلى فيهما وفيما بينهما* بالله عزوجل إثر بيان تصرفه تعالى فى الناس بالإحياء والإماتة والبعث والجمع للمجازاة (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) العامل فى يوم يخسر ويومئذ بدل منه (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ) من الأمم المجموعة* (جاثِيَةً) باركة على الركب مستوفزة وقرىء جاذية أى جالسة على أطراف الأصابع والجذو أشد استيفازا من الجثو وعن ابن عباس رضى الله عنهما جاثية مجتمعة وقيل جماعات من الجثو وهى الجماعة* (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) إلى صحيفة أعمالها وقرىء كل بالنصب على أنه بدل من الأول وتدعى صفة أو حال أو مفعول ثان (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أى يقال لهم ذلك وقوله تعالى (هذا كِتابُنا) الخ من تمام ما يقال حينئذ وحيث كان كتاب كل أمة مكتوبا بأمر الله تعالى أصيف إلى نون* العظمة تفخيما لشأنه وتهويلا لأمره فهذا مبتدأ وكتابنا خبره وقوله تعالى (يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ) أى يشهد عليكم* (بِالْحَقِّ) من غير زيادة ولا نقص خبر آخر أو حال وبالحق حال من فاعل ينطق وقوله تعالى (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ) الخ تعليل لنطقه عليهم بأعمالهم من غير إخلال بشىء منها أى إنا كنا فيما قبل نستكتب* الملائكة (ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فى الدنيا من الأعمال حسنة كانت أو سيئة.