(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣) وَقالُوا ما هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٥)
____________________________________
محذوفة مثل ليدل بها على قدرته أو ليعدل ولتجزى (وَهُمْ) أى النفوس المدلول عليها بكل نفس (لا يُظْلَمُونَ) بنقص ثواب أو بزيادة عقاب وتسمية ذلك ظلما مع أنه ليس كذلك على ما عرف قاعدة أهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكر بتنزيله منزلة الظلم الذى يستحيل صدوره عنه تعالى (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) تعجيب من حال من ترك متابعة الهدى إلى مطاوعة الهوى فكأنه عبده أى أنظرت فرأيته فإن ذلك مما يقضى منه العجب وقرىء آلهة هواه لأن أحدهم كان يستحسن حجرا فيعبده فإذا رأى أحسن منه رفضه إليه فكأنه اتخذ آلهة شتى (وَأَضَلَّهُ اللهُ) وخذله (عَلى عِلْمٍ) أى عالما بضلاله* وتبديله لفطرة الله تعالى التى فطر الناس عليها (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) بحيث لا يتأثر بالمواعظ ولا* يتفكر فى الآيات والنذر (وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) مانعة عن الاستبصار والاعتبار وقرىء بفتح* الغين وضمها وقرىء غشوة (فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ) أى من بعد إضلاله تعالى إياه بموجب تعاميه عن* الهدى وتماديه فى الغى (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أى ألا تلاحظون فلا تذكرون وقرىء تتذكرون على الأصل* (وَقالُوا) بيان لأحكام ضلالهم المحكى أى قالوا من غاية غيهم وضلالهم (ما هِيَ) أى ما الحياة (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) التى نحن فيها (نَمُوتُ وَنَحْيا) أى يصينا الموت والحياة فيها وليس وراء ذلك حياة وقيل* نكون نطفا وما قبلها وما بعدها ونحيا بعد ذلك أو نموت بأنفسنا ونحيا ببقاء أولادنا أو يموت بعضنا ويحيا بعضنا وقد جوز أن يريدوا به التناسخ فإنه عقيدة أكثر عبدة الأوثان وقرىء نحيا (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ) إلا مرور الزمان وهو فى الأصل مدة بقاء العالم من دهره أى غلبه وقرىء إلا دهر يمر وكانوا يزعمون أن المؤثر فى هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للأرواح بأمر الله تعالى ويضيفون الحوادث إلى الدهر والزمان ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر أى فإن الله هو الآتى بالحوادث لا الدهر (وَما لَهُمْ بِذلِكَ) أى بما ذكر* من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واستناد الحياة والموت إلى الدهر (مِنْ عِلْمٍ) ما مستند إلى عقل أو* نقل (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) ما هم إلا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غير أن يكون لهم شىء يصح* أن يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى أنفسهم (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) الناطقة بالحق الذى من جملته البعث (بَيِّناتٍ) واضحات الدلالة على ما نطقت به أو مبينات له (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) بالنصب*