(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧)
____________________________________
شىء من الأشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالمرة وإن كان من الأحياء العقلاء* فما ظنكم بالجماد وقوله تعالى (ائْتُونِي بِكِتابٍ) الخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلى بعد* تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلى أى ائتونى بكتاب إلهى كائن (مِنْ قَبْلِ هذا) الكتاب أى* القرآن الناطق بالتوحيد وإبطال الشرك دال على صحة دينكم (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) أو بقية من علم بقيت* عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فى دعواكم فإنها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلى أو سلطان نقلى وحيث لم يقم عليها شىء منهما وقد قامت على خلافها أدلة العقل والنقل تبين بطلانها وقرىء إثارة بكسر الهمزة أى مناظرة فإنها تثير المعانى وأثرة أى شىء أو ثرتم به وخصصتم من علم مطوى من غيركم وأثرة بالحركات الثلاث مع سكون الثاء أما المكسورة فبمعنى الأثرة وأما المفتوحة فهى المرة من أثر الحديث أى رواه وأما المضمومة فاسم ما يؤثر كالخطبة التى هى اسم ما يخطب به (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) إنكار ونفى لأن يكون أحد يساوى المشركين فى الضلال وإن كان سبك التركيب لنفى الأضل منهم من غير تعرض لنفى المساوى كما مر غير مرة أى هم أضل من كل ضال حيث تركوا عبادة خالقهم السميع القادر المجيب* الخبير إلى عبادة مصنوعهم العارى عن السمع والقدرة والاستجابة (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) غاية لنفى الاستجابة* (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ) الضمير الأول لمفعول يدعو والثانى لفاعله والجمع فيهما باعتبار معنى من كما أن الإفراد* فيما سبق باعتبار لفظها (غافِلُونَ) لكونهم جمادات وضمائر العقلاء لإجرائهم إياها مجرى العقلاء ووصفها بما ذكر من ترك الاستجابة والغفلة مع ظهور حالها للتهكم بها وبعبدتها كقوله تعالى (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) الآية (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ) عند قيام القيامة (كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) أى مكذبين بلسان الحال أو المقال على ما يروى أنه تعالى يحيى الأصنام فتتبرأ عن عبادتهم وقد جوز أن يراد بهم كل من يعبد من دون الله من الملائكة والجن والإنس وغيرهم ويبنى إرجاع الضمائر وإسناد العداوة والكفر إليهم على التغليب ويراد بذلك تبرؤهم عنهم وعن عبادتهم وقيل ضمير كانوا للعبدة وذلك قولهم (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) واضحات أو مبينات (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ) أى لأجله وفى شأنه وهو عبارة عن الآيات المتلوة وضع موضع ضميرها تنصيصا على حقيتها ووجوب الإيمان بها كما وضع الموصول موضع ضمير المتلو عليهم تسجيلا عليهم بكمال الكفر* والضلالة (لَمَّا جاءَهُمْ) أى فى أول ما جاءهم من غير تدبر وتأمل (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أى ظاهر كونه