(أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ (٢٣) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) (٢٦)
____________________________________
تميم فيقولون عسى أن تفعل وعسى أن تفعلوا (أُولئِكَ) إشارة إلى المخاطبين بطريق الالتفات إيذانا بأن ذكر هناتهم أوجب إسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم وهو مبتدأ خبره (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) أى أبعدهم من رحمته (فَأَصَمَّهُمْ) عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم* (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة فى الأنفس والآفاق (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) أى ألا يلاحظونه ولا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) فلا يكاد يصل إليها ذكر أصلا وأم منقطعة وما فيها من معنى* بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر إلى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب إما لتهويل حالها وتفظيع شأنها بإبهام أمرها فى القساوة والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقادر قدرها فى القساوة وإما لأن المراد بها قلوب بعض منهم وهم المنافقون وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أنها أقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الأقفال المعهودة وقرىء أقفلها وأقفالها على المصدر (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) أى رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفروهم المنافقون الذين وصفوا فيما سلف بمرض القلوب وغيره من قبائح الأفعال والأحوال فإنهم قد كفروا به عليه الصلاة والسلام (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) بالدلائل الظاهرة والمعجزات* القاهرة وقيل هم اليهود وقيل أهل الكتابين جميعا كفروا به عليه الصلاة والسلام بعد ما وجدوا نعته فى كتابهم وعرفوا أنه المنعوت بذلك وقوله تعالى (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) جملة من مبتدأ وخبر وقعت* خبرا لأن أى سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقيل من السول المخفف من السؤل لاستمرار القلب فمعنى سول له أمرا حينئذ أوقعه فى أمنيته فإن السؤل الأمنية وقرىء سول مبنيا للمفعول على حذف المضاف أى كيد الشيطان (وَأَمْلى لَهُمْ) ومد لهم فى الأمانى والآمال وقيل أمهلهم* الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة وقرىء وأملى لهم على صيغة المتكلم فالمعنى أن الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم فالواو للحال أو للاستئناف وقرىء أملى لهم على البناء للمفعول أى أمهلوا ومد فى عمرهم (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من ارتدادهم لا إلى الإملاء كما نقل عن الواحدى ولا إلى التسويل كما قيل لأن شيئا منهما ليس مسببا عن القول الآتى وهو مبتدأ خبره قوله تعالى (بِأَنَّهُمْ) أى بسبب أنهم (قالُوا) يعنى* المنافقين المذكورين لا لليهود الكافرين به عليه الصلاة والسلام بعد ما وجدوا نعته فى التوراة كما قيل