لأي إنسان خارج نطاق إرادته وحكمته. ويقرّب المحسن إليه ، فلا وليّ ولا نصير من دون الله لأي أحد ، مهما كانت صفته أو قيمته ، مسيحيّا كان أو يهوديا أو مسلما ، تلك هي الحقيقة ، وما عداها ، كله أحلام لا أساس لها من الواقع ، ولا قرابة لها بالحق.
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) فإذا لم نكن أبناءه بالجسد لأنّ الله لم يلدنا كما يلد الأب أولاده ، فإنّنا أبناؤه بالمعنى الروحي (١) الّذي يجعلنا أقرب إليه من غيرنا ، كما هو حال الأبناء بالنسبة إلى أبيهم ، فإنّه يعاملهم بما لا يعامل به الآخرين في رعايته لهم ، وعطفه عليهم ، وانفتاحهم عليه ، فيتقبّل منهم ما لا يتقبله من غيرهم في أوضاعهم السببية معه ، ويمنحهم ما لا يمنحه لغيرهم في مبادراته الإيجابيّة ، ولا يهملهم ، في بعض الظروف الّتي تدفع إلى الإهمال ، بما يهمل به غيرهم. ونحن أحباؤه الّذين لنا عنده منزلة خاصة من المحبة مما لا يملكه أحد غيرنا من خلقه ، ولذلك فإنّنا لا نخاف من عذابه ، ولا نخشى نقمته ، لأنّ الأدب لا يعذب أبناءه ، والمحبّ لا ينتقم من أحبائه ، فلنا الحريّة في ما نفعل أو نترك في الدنيا لأنّنا فوق القانون ، فلا نتعرض لما يتعرض له المخالفون له.
* * *
الله يدحض دعواهم الباطلة
(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) فالله قد قضى بعذاب الّذين ينحرفون عن خطّه المستقيم ، ويحرفون الكلم عن مواضعه ، ويتمردون على رسله ،
__________________
(١) جاء في إنجيل يوحنا : [الكتاب المقدس ، إنجيل : يوحنا ، الإصحاح : ٨ ، الآية : ٤١ ـ ٤٢ ، ص : ١٦٢] ، قال عيسى عليهالسلام في خطابه لليهود : «أنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له : إنّنا لم نُولد من زنى : لنا أب واحد وهو الله. فقال لهم يسوع : لو كان الله أباكم لكنتم تحبّونني لأنّي خرجت من قبل الله وأتيت. لأنّي لم آت من نفسي بل ذاك أرسلني».