ذليلة تنمّي في داخلها قابليتها للاستعمار ، فيكون سلوكها وطريقتها في الحياة بمثابة دعوة للمستعمر ليستعمرها ويحتوي بيديه كل حاضرها ومستقبلها في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، لتكون لعبة لكل لاعب ، وطعمة لكل طاعم ، وهذا ما يجعلنا مسئولين عن ربط الأمة بأهدافها الكبرى من أجل التقاء القاعدة والقيادة في الطريق إليها على حد سواء.
٦ ـ في مناجاة موسى عليهالسلام لله ـ في هذه الآيات ـ لسنا أمام موقف ضعف وهزيمة ، بل هو موقف الرسول الّذي يقدّم تقريره إلى الله من خلال شعوره بالمسؤوليّة أمام المشكلة الّتي تواجهه ، وينتظر التعليمات الّتي تحدد له موقفه ، وهذا ما نستوحيه من قوله : (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) فكأنّه يعرض ما يملكه أمام الله بأسلوب الإنسان الّذي يقف مستعدا ليقدّم كل شيء ، ويستعين بالله ـ بعد ذلك ـ في مواجهة الصعوبات الّتي تحيط به في موقفه الصعب ، وتلك هي صورة الشخصيّة القياديّة الرساليّة الّتي لا تتنازل عن دورها الكبير أمام التحديات ، بل تظل ثابتة القدم في وضوح من الرؤيّة ، واستقامة على الخط ، وثبات على الطريق في اتجاه الهدف.
٧ ـ إنّ إطلاق كلمة (الْفاسِقِينَ) على تلك الجماعة الّتي تمرّدت على موسىعليهالسلام من جهة التمرّد العملي على الأمر الّذي أصدره الله إليهم من خلال نبيهم عليهالسلام بالدخول إلى الأرض المقدسة في تلك الفترة وطريقتهم في الاستخفاف به وبالله في قولهم : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) فكأنّهم يستهينون بقدرة الله وبقدرته ـ من خلال ربّه ـ على مواجهة الجبارين ، ولعلّ هذا يكشف عن الضعف الإيماني بالله وبالنبيّ ، بحيث يشبه الارتداد على أدبارهم ، فيخسرون بذلك مصيرهم في إنذار موسى عليهالسلام لهم بالنتائج السلبيّة في الواقع.
٨ ـ لقد كان القضاء الإلهي عليهم بالتّيه مدّة أربعين سنة عقوبة لهم على