للفكر ، يؤديان إلى اهتزاز الحياة وتحولها عن أهدافها السليمة ، وينتهي بها ـ بالتالي ـ إلى الوقوع في قبضة الباطل والشرّ ، لأنَّ بداية الشر فكرةٌ شريرة ، كما أنَّ منطلق الباطل خاطرة فاسدة ، وبهذا كان الإيمان بالله واليوم الآخر والكتاب والنبيين منطلق خير للحياة بما يمثله من تخطيط للمشاريع الخيّرة المنفتحة على الله في دوافعها وخطواتها وآفاقها الواسعة ، ومن تشريع يستهدف بناء الشخصية الإسلامية الإنسانية على الصورة الّتي يحبها الله للإنسان ، ويوحي بالتالي بالاطمئنان الروحي والنفسي والثقة بالحاضر والمستقبل في حركة الحياة.
ولم يقف البر عند حدود الفكر ، بل ، انطلق في خط العمل في ما تحدّثت عنه الآية من إيتاء المال على حبه لكل من يحتاج إليه من الفئات المحرومة ، ومن إقامة الصلاة الّتي توصي بطهارة الروح والقلب والجسد ، وإيتاء الزكاة الّتي تمثل روحية العطاء في شخصية الإنسان ، والوفاء بالعهد بما يمثله من الالتزام بالكلمة والموقف ، والصبر في جميع الحالات الَّذي يرتكز على صلابة الإرادة وقوة العزيمة وثبات الموقف ، والصدق الَّذي ينطلق من قاعدة الإخلاص للحقيقة ، والتقوى الّتي تنفتح آفاقها على المراقبة الدقيقة لله ، وبذلك ينفتح البر على آفاق حياة الإنسان الداخلية والخارجية.
أمّا التقوى ، فإنَّها الروح الّتي تمد الإنسان بالقلق الروحي الَّذي يدفعه إلى متابعة العمل بدقة ، لئلا يخطئ هنا ، وينحرف هناك ، وينقلب على وجهه في نهاية المطاف.
وبذلك يتحول القلق إلى عنصر إيجابي يعطي للعمل إشراقة الروح والفكر ، بدلا من أن يسلمه إلى أجواء الضياع والشلل في الاتجاه السلبي. إنَّها الالتفاتة الإيمانية الّتي تقود الإنسان إلى الشعور بحضور الله في سره وعلانيته ، في يقظته ونومه ، حتّى ليشعر ـ معه ـ بالإحساس الحقيقي بوجوده معه ، كما لو كان يراه عيانا ، فيدفعه ذلك إلى الالتزام بكل صغيرة وكبيرة يعلم بأنَّ الله يحبها