وهذا ما أوحى به الله في قوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر : ٣] (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [البلد : ١٧]. وهكذا نجد التقوى كإحساس في داخل النفس ، وكموقف في ساحة العمل ، تحتاج إلى مزيد من التعاون في خط التنمية الروحيّة الّتي تعمق الإحساس بالله في الأعماق ، ليلتقي هناك الخوف من الله بحبه ، فيتحول إلى انضباط على مستوى الفكر والموقف ، ولأنَّ الإنسان قد ينهار أمام الإغراء أو الخوف ، أو يضعف ويغيب في مجالات الضياع ، فهو يحتاج لمن يأخذ بيده فيشد عليها ، أو يمد له يده لينتشله من براثن السقوط أو يذكره فلا ينسى ، أو يرشده فلا يتيه أو يضيع ، أو يقيل من أمامه العثرات فلا يسقط أو يهوي. وبذلك يلتقي الجميع على خط الله متآلفين متراحمين متكافلين بالصبر والحق.
وخلاصة الفكرة ، أنَّ الإسلام يدعو إلى إقامة الحياة على التعاون ، الَّذي تتجمّع فيه الطاقات وتتنامى فيه المواقف ، وتتضافر فيه الجهود ، لتتكامل للقضايا الكبيرة عناصرها ، ولتتحقق للبرّ والتقوى مصداقيتهما في حياة النّاس ، وليبتعد الإنسان عن روح الفردية الّتي تغذي في داخله الشعور بالزهو الذاتي ، فتضخم له شخصيته على حساب القيم والمبادئ العامة ، وبذلك يتحول إلى شخص جديد يرى الحياة ساحة للجميع على أساس مسئوليتهم المشتركة الكبيرة بين يدي الله
* * *
القران وشروط التصرف
(وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) إذ يتمثّل الإثم بالعمل الَّذي يسير في غير خط الله ، انطلاقا من كل القيم الشريرة الفاسدة ، والنوازع النفسية الهابطة ،