فقال : أجل يا رسول الله ، ولكنّا لا ندخل بيتا فيه صورة ، ولا كلب ، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو. قال أبو رافع : فأمرني أن لا أدع كلبا بالمدينة إلَّا قتلته حتّى بلغت العوالي فإذا امرأة عندها كلب يحرسها فرحمتها فتركته ، فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فأمرني بقتله ، فرجعت إلى الكلب فقتلته ، فلما أمر رسول الله بقتل الكلاب ، جاء ناس فقالوا : يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة الّتي تقتلها؟ فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما أمر نزلت أذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في اقتناء الكلاب الّتي ينتفع بها ونهى عن إمساك ما لا نفع فيه منها ، وأمر بقتل الكلب الكلب والعقور وما يضر ويؤذي ودفع القتل عما سواهما وما لا ضرر فيه» (١).
ونلاحظ على هذه الرِّواية الارتباك في المضمون ، فإنَّ القضية المطروحة هي أنَّ جبريل لم يدخل بيت رسول الله لأنَّه لا يدخل بيتا فيه صورة أو كلب ، ولم تتحدث الرِّواية عن وجود كلب في داره ، بل تحدثت عن وجود جرو في بعض بيوتهم أي بيوت المسلمين ، مما لا علاقة له بعدم دخول جبريل إلى بيت النبي محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثمَّ ما المناسبة بين عدم دخول جبريل إلى البيت وقتل كل كلاب المدينة من دون تفريق بين كلب الهراش وكلب الصيد وكلب الحراسة؟ وهل أنَّ وجود الكلاب من حيث المبدأ مرفوض عند الله بحيث كان وجودها مفسدة يقتضي الأمر بقتلها جميعا؟ إذا لماذا خلقها الله إذا كانت الشرّ كله؟ ثمَّ إنَّ الرِّواية لم تذكر أنَّ الله قد أوحى إليه بذلك مما قد يستفيد منه البعض بأنَّه رد فعل لعدم دخول جبريل عليه كما لو كانت القضيّة انتقاما منها ، وذلك لا يتناسب مع روحيّة النبي وإنسانيته ورفقه بالحيوان ، لا سيّما إذا لا حظنا صدور الأمر بقتل
__________________
(١) الواحدي ، أبو الحسن علي بن أحمد ، أسباب النزول ، دار الفكر ، ١٤١٤ ه ـ ١٩٩٤ م ، ص : ١٠٦.