الكلب الحارس لتلك المرأة الضعيفة الّتي تقول الرِّواية إنَّ أبا رافع رحمها ولم يرحمها النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهناك ملاحظة في نهاية الرِّواية ، فإنَّ المسلمين لما ضجوا من قتل الكلاب ، سألوه ما ذا أحلّ لهم من الكلاب ، فلم يجبهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انتظارا لأمر ربِّه ، في الوقت الَّذي كانت مبادرته بقتلها ـ حسب الرِّواية ـ بدون انتظار لأمره حتّى نزلت الآية. ولو دققنا في سياق الآية في مفرداتها الّتي تدل على أنَّ السؤال عن تحديد ما أحلّ لهم بشكل مطلق ـ من كل شيء يتصل بحياتهم لا من الكلاب ـ لوجدنا عدم تناسب بين القضيّة وهذا السياق ، مما يجعلنا نستقرب كون القصة موضوعة جملة وتفصيلا ، لأنَّها لا تتناسب مع المقام القدسي للنبي محمَّد صلى الله وعليه وآله وسلم في روحه وإنسانيته وعدم انفعاله بأية حالة نفسيّة أو ردّ فعل ذاتي ، بل إنَّ انطلاقه من أمر الله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) [النجم : ٣ ـ ٤].
وروي عن سعيد بن جبير أنَّها نزلت في عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين ... فقالا : «يا رسول الله إنّا قوم نصيد بالكلاب والبزاة ، فإنَّ كلاب آل درع وآل حورية تأخذ البقر والحمر والظباء والضب ، فمنه ما يدرك ذكاته ومنه ما يقتل فلا يدرك ذكاته وقد حرّم الله الميتة ، فما ذا يحل لنا منها؟ فنزلت : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) يعني الذبائح (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) يعني وصيد ما علمتم من الجوارح ، وهي الكواسب من الكلاب وسباع الطير» (١).
* * *
__________________
(١) م. س. ، ص : ١٠٦.