(حَبِطَ عَمَلُهُ) : بطل ثواب عمله فلا يعتدّ به ولا يؤجر عليه.
* * *
حليّة الطيبات والمحصنات للمؤمنين
(الْيَوْمَ) قيل إنّ المراد به يوم عرفة ، وقيل هو اليوم الّذي تلا فتح خيبر. وذهب بعض المفسرين المتأخرين إلى أنّه يوم (غدير خم) باعتبار أنّه اليوم الّذي برز الإسلام فيه كقوّة تمتلك السيطرة على أوضاع المجتمع وتستطيع ـ بفعل ذلك ـ إصدار مثل هذا الحكم لمصلحة أتباعه دون أن يساوره أي قلق بسبب الأعداء (١) ، ولكن الملحوظ أنّ مثل هذه الأحكام ، ليست بدعا من الأحكام الإسلاميّة العاديّة الّتي سبق أن بيّنها القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة ، مما قد يكون أكثر خطورة على الواقع الاجتماعي عصر الدعوة كتحريم الخمر والميسر والرّبا ، وغير ذلك مما يتصل بالسلوك العام للنّاس ، لا سيّما إذا عرفنا أنّ الآية واردة في سياق الرخصة مما كان النّاس يمارسونه لا في سياق التحريم ، كما في قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) حيث أكّد الله حلّيتها امتنانا على النّاس وبيانا للطابع التشريعي السمح للإسلام الّذي ينطلق من مصلحة الإنسان في حاجاته الطبيعيّة ، ومن فطرة الإنسان في استطابة الطيّبات من الطعام واستخباث الخبائث ، والإقبال على ما يصلح بدنه مما تستطيبه عناصر الجسد في المنافع الموجودة فيه حتّى لو كان مرّ المذاق في الطعام.
(وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) مما يحل لكم منه في التشريع الإلهي العام ، فلا يجوز لكم أكل الطعام الّذي صدر الحكم بتحريمه ، وهو (الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أو مما لم يذكر اسم الله عليه ، لأنّ مثل هذه الأمور لا علاقة لها بالجهة الّتي تقدمها ، بل بالعنوان الّذي تتمثل فيه.
__________________
(١) انظر : تفسير الأمثل ، ج : ٣ ، ص : ٥٣٧.