أمّا خصوصيّة أهل الكتاب فقد تتمثل في نقطتين :
النقطة الأولى : مسألة النجاسة والطهارة ، فقد يتوقف النّاس في أمر الطعام الّذي يلامسونه بأيديهم لاحتمال نجاسته بمباشرتهم إياه ، فكانت هذه الآية إعلانا تشريعيّا بطهارتهم ، فتكون الآية دالة على أنّه لا مانع من أكل طعام أهل الكتاب الّذي يباشرونه بأيديهم من هذه الجهة ، لأنّهم طاهرون في ذواتهم ، ولعلّ هذا ما نستوحيه من الأحاديث الكثيرة الواردة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام بأنّ المراد بالطعام الحبوب وأشباهها ، في مقابل القول بأنّ المراد به الذبائح ، فليس المقصود الحبوب اليابسة لتحمل على مسألة التعاطي بالبيع والشراء ، لأنّ مثل هذه المسألة لم تكن واردة في حساب التحريم ولم تكن مشكلة في الواقع الإسلامي الّذي كان المسلمون يتعاملون فيه مع أهل الكتاب في المدينة بشكل طبيعي ، بل المقصود به الطعام المطبوخ الّذي يقدمونه للنّاس.
وقد ذهب فقهاء المسلمين السنّة وبعض فقهاء الشيعة الإماميّة إلى طهارة أهل الكتاب في ذواتهم ، وهو الّذي نرتئيه ونفتي به في نطاق الرأي الفقهي العام الّذي نفتي به وهو طهارة كل إنسان.
النقطة الثانية : وهي مسألة حليّة ذبائحهم بلحاظ اشتراط إسلام الذابح في حليّة الذبيحة كما هو المشهور الّذي كاد أن يكون إجماعا لدى فقهاء الشيعة الإماميّة ، وربّما استوحى البعض ذلك من الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت عليهالسلام في تفسير الطعام بالحبوب وأشباهها ، وفي مقابل التفسير المعروف عند أهل السنّة بأنّ المراد به ذبائحهم. ولكننا نجد أنّ الحديث المفصل في هذه الرّوايات هو ما رواه الكليني محمّد بن يعقوب ـ في الكافي ـ عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن قتيبة الأعشى ، قال : «سأل رجل