أبا عبد الله عليهالسلام وأنا عنده ، فقال : له : الغنم يرسل فيها اليهودي والنصراني فتعرض فيها العارضة فتذبح أنأكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لا تدخل ثمنها في مالك ولا تأكلها فإنّما هي الاسم ولا يؤمن عليها إلّا مسلم. فقال له الرّجل : قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : كان أبي عليهالسلام يقول : إنّما هو الحبوب وأشباهها» (١).
وظاهر هذا الحديث أنّ مسألة ذبائح أهل الكتاب ليست محرّمة بقول مطلق ، بل بلحاظ أنّه لا بدّ في حل الذبيحة من إحراز التسمية ـ الّتي هي الشرط الأساس كما في القرآن ـ ولا مجال لإحرازها في ذبيحة الكتابي الّذي لا يرى شرطيّته ، فلا يوثق بتوفرها لديه في الذبح. فلو أحرزنا التسمية مع شروط التذكية كانت الذبيحة حلالا ، وهذا ما يُفهم من التأكيد في أحاديث أئمة أهل البيت عليهالسلام على الاسم الّذي لا بدّ من إحرازه في الذبح وحليّة الذبيحة ، وهذا ما استقربه الشهيد الثاني في المسالك وأفتى به الصدوق وابن أبي عقيل وابن الجنيد وبعض الفقهاء المعاصرين ، وهو الّذي نفتي به مع بعض التحفظات.
وتبقي مسألة المراد من الآية خاضعة لتفسير أهل البيت عليهالسلام للطعام بالحبوب وأشباهها ، وربّما كان هذا التفسير متطلعا للتأكيد على أنّ الآية لا تشمله في مسألة الحل بلحاظ عدم استكمال شروط الذبيحة فيه عندهم. والله العالم.
(وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) فلا يحرم عليكم إطعامهم من طعامكم ، لأنّ اختلاف الانتماء الديني لا يؤدّي إلى اختلاف في العلاقات الاجتماعيّة الإنسانيّة في تبادل الدعوات إلى الطعام من خلال الروابط الخاصة والمتعلّقة بالقربى
__________________
(١) الكليني ، الكافي ، دار الكتب الإسلامية ، ج : ٦ ، ص : ٢٤٠ ، رواية : ١٠.