والجوار ونحوهما. وليست المسألة كمسألة التزاوج بين المسلمات والكفّار في قوله تعالى : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) [الممتحنة : ١٠] حيث يرتفع الحلُّ من الجانبين.
(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) وأحلّ الله لكم الزواج بالعفيفات من المؤمنات ، (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) فيجوز الزواج بهن لأنهن يؤمنّ بالله واليوم الآخر وبالتوراة والإنجيل ، مما يجعل هناك قاعدة للعلاقة الزوجيّة باعتبار أنّ المسلم يؤمن بذلك كلِّه أيضا ، خلافا للكوافر اللاتي لا يؤمن بالله بل يلتزمن الشرك ، فلا يجوز للمسلمين التزوج والإمساك بعصم الكوافر أو بالمشركات حتّى يؤمنّ. وعلى ضوء هذا ، فإنّ المسألة في الزواج ترتكز على الإيمان حتّى مع اختلاف بعض خصوصياته مما لا مجال فيه للكافرين بالله والمشركين به ، وهذا ما جاءت به الآية الكريمة في قوله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] حيث وردت في سياق الزواج بالنساء الكافرات من مجتمع مكة ، فلا تشمل نساء أهل الكتاب ، والآية الكريمة في قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ) [البقرة : ٢٢١] فإنّها لا تشمل أهل الكتاب لأنّ مصطلح المشركين في القرآن لا يشملهم ، ولا تصلح كل منهما ـ على تقدير الشمول ـ أن تكون ناسخة لهذه الآيات ، لأنّها متأخرة عنها ولا ينسخ السابق اللاحق.
وقد حاول بعض المانعين لزواج الكتابيّة تأويل الآية بأنّ المراد ب (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) اللاتي أسلمن منهنّ ـ بعد كفر ـ ، والمراد بال (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ) اللاتي كنّ في الأصل مؤمنات بأن ولدن على الإسلام ، وذلك أنّ قوما كانوا يتحرجون من العقد على من أسلمت عن كفر ، فبيّن سبحانه أنّه لا حرج في ذلك ، فلهذا أفردهنّ بالذكر ، حكى ذلك أبو القاسم النجفي. ولكن هذا القول مردود بأنّه دعوى من دون دليل ، لأنّ ظاهر المقابلة بين المؤمنات واللاتي من أهل الكتاب إرادة التنوع في واقع الانتماء