الديني لا في الانتماء السابق مع اتحاد الانتماء الحالي. والله العالم.
(إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي مهورهنَّ ، ولعلَّ التعبير عن المهور بالأجور باعتبار انتفاع الرّجل بالمرأة من حيث المنفعة الجنسيّة واللذة الغريزيّة الّتي يحصل عليها منها ، فأشبه حال الزواج حال الإجارة الّتي يدفع فيها المستأجر ماله في قبال المنفعة ، مع التأكيد على أنَّ حقيقة الزواج تختلف عن حقيقة الإجارة في الشكل والمضمون والحقوق ، مما يجعل من الزواج مسألة استعارة على أساس التشبيه بالشكل فقط. وقد استخدم هذا التعبير في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) [النساء : ٢٤].
(مُحْصِنِينَ) في العلاقة المذكورة بهنَّ بمعنى ارتكازها على العفة باعتبار العلاقة الزوجيّة المحلّلة الّتي هي عنوان العفة في ارتباط الرّجل بالمرأة (غَيْرَ مُسافِحِينَ) بالزنى ، بأن تكون العلاقة بينهما علاقة الزاني بالزانية لعدم شرعيّة العلاقة ، (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) فلا تكون الرابطة بينهما رابطة الصديق بصديقته الّتي يستمتع بها سرّا عن طريق الاستمتاع الجنسي بعيدا عن الارتباط الزوجي.
وهذا هو التجسيد العملي للإيمان الَّذي لا يتمثل بالعقيدة والكلمة فحسب ، بل يمتد إلى الجانب العملي في الوقوف عند حدود الله في الحلال والحرام ، لأنَّ ذلك يؤكد عمق الإيمان في الذات وثباته في الواقع. (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) بالتمرّد عليه والابتعاد عن السير على خطه المستقيم في الالتزام بحلال الله وحرامه ، فسيقع في هوّة الكفر في نهاية المطاف ، لأنَّ السير مع المعصية يضعف الإيمان في النفس ، فإذا امتد في كل مواقعها ، زال كليّا من الذات ، (فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) كما يحبط عمل الكافر ، فلا ينتفع من الإيمان بشيء ، لأنَّ عمله لن يكون صورة لإيمانه بل يكون وجها من وجوه الكفر ، وهو الوجه العملي له ، (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [آل عمران : ٨٥] ، (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الشورى : ٤٥].