أمامه نتائج أعمالهم السيئة في العقيدة والعمل.
(وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى) معلنين انتماءهم إلى النصرانيّة الّتي هي اسم الدين الَّذي جاء به المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، وربَّما كانت كلمة (قالُوا) إيحاء بأنَّهم لا يمثلون النصرانيّة بل ينتسبون إليها قولا لا فعلا ، (أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ) بالالتزام بالتوحيد ، وبالإقرار بنبوّة عيسى والأنبياء من قبله ومن بعده ، ومنهم محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والسير على منهاجهم في أقوالهم وأفعالهم وعلاقاتهم. وهذا هو الميثاق الّذي توحي به الفطرة ، وجاءت به الرسل في رسالات الله الَّتي بلّغوها لهم فالتزموها بالانتماء إلى صاحب الرسالة ، مما يدل على تحوّل المسألة إلى عهد وميثاق بينهم وبين الله ، لأنَّ الالتزام بالانتماء يمثِّل التزاما بكل نتائجه وآثاره ، (فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) ، مما أنزله الله من الإنجيل الّذي يحدّد لهم خط السير ، ويعرفهم كيف ينفتحون على الله من موقع الإيمان والمحبة ، ويوحدونه فلا يجعلون له ولدا ولا يشركون بعبادته غيره ، وكيف ينفتحون على حركة المسؤوليّة في علاقتهم بالنّاس وبالحياة ، ليكون الإنجيل منهجهم الّذي ينتهجونه في حياتهم العامّة والخاصة ، وكيف يواجهون الرسالات من بعد عيسى عليهالسلام ـ ولا سيما رسالة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي بشر به السيّد المسيح عليهالسلام ـ ليؤمنوا به ، ويسيروا معه في منهج رسالته الّتي جاءت متممة لمكارم الأخلاق ممّا جاءت بها الرسالات السابقة ، ولكنّهم نسوا ذلك ، وتعاملوا مع هذه الحقائق المذكورة في الإنجيل من موقع الإهمال واللّامبالاة ، والابتعاد عن مضمون الإيمان في وعي الحقيقة ، ورفض الالتزام به وبنتائجه ، ولم تكن المسألة ـ منهم ـ نسيانا ، فقد ذكرهم الله به بما سمعوه من الإنجيل الّذي يتلى عليهم دائما من خلال الانتماء التقليدي إليه.
* * *