الآية وتحريف الإنجيل
وربّما يستوحي البعض من هذه الآية مسألة تحريف الإنجيل ، بحيث يكون النسيان كناية عن التحريف الّذي ينطلق من العصبيّة ضد الفكر الآخر ، مما يؤدّي إلى تأويل الآيات النازلة الّتي تؤكده ، أو حذفها أو تحريفها حذرا من الاحتجاج بها عليهم ، وذلك من جهة أنّ تاريخ تدوين الأناجيل المعروفة الآن يوحي بأنّها لم تدوّن في زمن السيّد المسيح عليهالسلام ، بل كتبت بعده بمدة بعيدة بأيدي بعض المسيحيين ، ولهذا اختلف رؤساء الكنيسة فيما بينهم فيمن كتب الإنجيل ، ومتى كتبت ، وبأيّة لغة ، وكيف فقدت نسخها الأصلية ، وغير ذلك مما نقله صاحب تفسير المنار عن «دائرة المعارف الفرنسيّة الكبرى» مع الملاحظات الّتي يسجلها الناقدون للأناجيل المعروفة في اشتماله على ما لا يستسيغه العقل وغير ذلك.
ونلاحظ أنّ الآية ليست ظاهرة في ذلك ـ وإن كان ذلك حقيقة ـ لأنّها واردة في مقام الحديث عن الواقع المضاد للالتزام بآيات الإنجيل من خلال إنكار بعض الحقائق والانحراف عن خط الاستقامة في الدين.
* * *
فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء
(فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) وذلك من خلال المنازعات العقيديّة الّتي تحوّلت ـ في التاريخ ـ إلى أنهار من الدماء من خلال الحروب المذهبيّة ، التي كانت أشدّ قساوة من حروبهم مع غيرهم من أتباع الأديان الأخرى ، والنازعات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تحولت إلى أكثر من لون من ألوان الأوضاع المعقدة والآثار السلبيّة على مجمع