بفعل إرادة يسمى رضاء بما كان فسقط ما قاله» (١).
* * *
القرآن يهدي إلى سبل السلام
وهذا نداء إلى أهل الكتاب مشبع بعتاب هادئ يسجّل الملاحظات بهدوء ، ويتحدث عن أسلوب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في نقد الانحراف ومواجهته. فاليهود كانوا يعملون على إخفاء بعض الحقائق الكتابيّة الّتي تنزلت بها التوراة والإنجيل ، ولا سيما في ما يتعلّق بنبوّة النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينبّه المسلمين إلى ذلك ، ويبيّن لهم معرفته بخطوط اللعبة التحريفيّة والتجهيليّة عند بعض أهل الكتاب ، من خلال إعلان وفضح الوسائل الخبيثة الّتي يلجأون إليها في التضليل من أجل أن يكشف أمرهم للناس ، ثمّ يعرض عنهم بعد ذلك ، ويعفو عن كثير من التفصيلات الدقيقة في شؤون العقيدة والتشريع مما انحرفوا به عن الخط السليم ، لأنّه لا يريد الدخول معهم في جدل عقيم ، وهو ألّا يعمل على الإكثار من تسجيل النقاط عليهم كما يفعل اللاعبون الّذين لا غاية لهم إلّا تحصيل النقاط المتعدة ضد الخصم ، بل كان همّه ـ كنبيّ مرسل ـ أن يفقدهم ـ بالتالي ـ الثقة الاجتماعيّة الّتي كانوا يستغلّونها من أجل الحصول على مكاسب مادّية طارئة ، ويترك الأمر ـ بعد ذلك ـ للظروف المحيطة بالساحة لتتفاعل القضايا معه في عمليّة كشف وفضح لكل المخططات والأهداف الشريرة.
ثمّ يضع أمامهم الحقيقة الناصعة المشرقة ، المتمثّلة بالكتاب الّذي ينير
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٣ ، ص : ٢١٩.