(أَجْرَمْنا) : أذنبنا.
* * *
لمن السماوات والأرض؟
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) في نداء التحدي الكبير الذي تطلقه في ساحة هؤلاء المشركين الذين جعلوا لله شريكا من خلقه ، فأعطوه صفات الألوهية ، واستغرقوا في ذاته ، واندمجوا في الإخلاص له ، وتحركوا في خط عبادته ، حتى نسوا الله ، قل لهم ، يا محمد ، ادعوا هؤلاء الشركاء ليقدموا ما عندهم من إمكانات ومعطيات وسترى أنهم لا يقدّمون شيئا ، أيّ شيء ، لعجزهم عن ذلك ، فهم (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) مما يمكن أن يكون مظهرا من مظاهر القدرة ، أو يعبّر عن سرّ من أسرار شخصية الإله ، (وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ) أي من نصيب يتقاسمونه مع الله ، لأن كل شيء في السماوات والأرض ، هو ملك الله وحده ، لأنه من خلقه. (وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) أي ليس لله من كل هؤلاء الذين تدعون من دونه ، من معين يعينه لأنه لا يحتاج إليهم من قريب أو من بعيد ، فهو الخالق لهم ، وكيف يحتاج الخالق إلى المخلوق؟ (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ) فليست هناك مراكز قوى تفرض نفسها على الله من موقع القوّة الذاتية التي تترك تأثيراتها على قراره ، فيمن يعطيه أو فيمن يمنعه لتكون هناك نقاط ضعف في قدرته أو في عظمته الإلهية ليحتاج الناس إلى التوسل إليه بالشفعاء حتى يصلوا من خلالهم إلى مواقع رحمته ورضاه ، وليتعبدوا لهم للحصول على رضاهم الذي يؤدي للحصول على رضاه. فليس هناك أحد أقرب إليه من أحد ، من حيث الذات ، فهو الذي يقرّب بعض الناس إليه ، ويمنحهم درجة القرب إليه من خلال أعمالهم ، ويبقيهم في دائرة الخضوع له المنتظرين لإذنه في كل ما يفعلون أو يتركون ، فيعرفون أنهم لا يملكون الشفاعة أمامه لأيّ شخص