والتفكير ، بل كانوا يتوقفون عند ظواهر الأمور ، لأنهم لا يطيقون التعب في الوصول إلى الحقيقة ، (وَيَقُولُونَ) وهم يمتدون في ضلالهم وارتباكهم في وعيهم للقضايا العقيدية التي تثيرها أمامهم ليتساءلوا عن موعد الحساب وعن التوقيت ، ليكون السؤال مجرد لهو لتمضية الوقت وملء الفراغ (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي تعدوننا به في لحظات الحساب الذي يتحرك في خطى الثواب والعقاب (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في هذه الدعوى ، لأن من يثير مثل هذا الأمر الخطير البعيد عن الحسّ ، لا بد من أن يحدّد ملامحه ، ويعيّن موعده ، (قُلْ) لهم ما يجلو هذه الحقيقة التي تفرض عليك مسئولية في العقيدة وفي الالتزام والعبادة. قل إن المسألة لا تتعلق بمعرفة التوقيت ، لأن ذلك ليس مهمّا في الموضوع ، فقد يغلق عنا الله أبواب المعرفة ، في هذا الأمر ، لحكمة يراها ، إذ يريد أن يختبر عباده ، ليعيشوا غموض الموعد مما يفرض عليهم البقاء في حال استنفار دائم أمامه ، بل المسألة هي الإيمان بالفكرة نفسها ، قل لهؤلاء الحقيقة العارية التي تخاطبهم بأسلوب التحدي الكبير (لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً) لأنه لا مجال للتأخير أمام الموعد المحدّد ، (وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) فلا مجال لأن يسبق الوقت الموعد المعين عند الله ، لأن الصدق الإلهي لا يمكن أن يبتعد عن ساحة الحقيقة على كل حال.
* * *