(فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) الذي يتضاعف فيه الثواب تبعا لقيمة الجهد المبذول ، لا سيما ما يواجهه المؤمن من جهاد النفس ، في التحديات الداخلية في حاجاته وغرائزه ، ومن جهاد العدو في التحديات الخارجية التي يفرضها خصوم الرسالة وأعداؤها (بِما عَمِلُوا) من الأعمال الصالحة ، لأن الله جعل ثوابه تابعا للعمل في حياة الناس ، (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) أي في غرفات الجنة ، وهي البيوت العالية فيها ، وقد تكون كناية عن علوّ الدرجة (آمِنُونَ) لا يصيبهم فيها سوء ولا خوف مما كانوا يحذرون منه في الدنيا ، لأن الجنة هي دار السلام والاطمئنان والاستقرار الأبدي.
(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) يعملون على تعجيز الدعاة إلى الله وتثبيطهم وإثارة الخوف في نفوسهم ، بما يخطّطونه من خطط الشرّ ، وما يثيرونه من أجواء الكفر ، وما يقومون به من مشاريع الضلال ، (أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) لأن ذلك هو النتيجة الطبيعية لأعمالهم وأوضاعهم.
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) هو مصدر نظام الرزق في الحياة ، وهو ضمانة استمراره في تلبية حاجات الإنسان ، فمنه يستمد الثقة الكبيرة بالاستقرار والطمأنينة في ذلك ، فهو الذي يعطي السعة لمن يريد أن يوسع عليه ، ويضيّق على من يرى المصلحة والحكمة أن يضيّق عليه ، (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) فليس لكم أن تخافوا من الفقر إذا أنفقتم مما رزقكم الله من مال ، لأن المسألة لا تتعلق بجهدكم الذاتي في تحصيل المال ، لتخافوا من الضياع وفقدان التعويض إذا أذهبتم ما لديكم منه ، فانطلقوا مع العطاء وانتظروا العوض من الله في الدنيا مثل الآخرة (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) لأنه الذي لا يمنع أحدا رزقه ممن أطاعه وممن عصاه من دون حاجة إلى أيّ شيء من المرزوقين.
* * *