(إِنْ هذا) أي ليس هذا (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فلا يمثل شيئا من الحقيقة ، بل هو نوع من أنواع التخييل الذي يسلب اللب ، ويأخذ الشعور ، ويثير الإحساس. فهو يفرق بين الأب وأولاده ، والزوجة وزوجها ، والأخ وأخيه بطريقة سحرية غير مفهومة ، (وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) تشكل لهم ضمانة فكرية تميز بين الحق والباطل ، ليحكموا على الأشياء من موقع العمق الذي يوازن بين الأمور (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) ليأخذوا الفكرة من خلال النبيّ الذي ينذرهم ويهديهم ويجنبهم أخطار المزالق التي قد تؤدي بهم إلى الهلاك. فكيف يحكمون على الأشياء من قاعدة اللافكر واللاوعي؟
(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم السالفة (وَما بَلَغُوا) أي قومك (مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ) من قوّة ومال وجاه وطول عمر ، (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) بفعل روح العناد والتعصب لا من موقع الفكر والتأمل والقناعة (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي عقوبتي لهم وتغييري لحالهم؟ وكيف يمكن أن يكون عقابكم ، وأنتم الأضعف والأقل والأكثر فقرا؟
* * *