هل من خالق غير الله؟
(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) لأن الكون بجميع مواقع النعمة والرحمة فيه ، خاضع لقدرته المطلقة ، فليس لأحد من خلقه شيء من ذلك إلّا بإذنه ، فلا يستطيع أيّ منهم أن يغلق أيّ باب من أبواب الرحمة التي يريد الله أن يفتحها لخلقه. (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) لأنه المسيطر على ذلك كله ، فإذا أراد أن يحبس المطر عن الناس ، فليس لأحد أن ينزله عليهم ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي يملك العزة كلها من خلال ما يملكه من القوّة كلها ، كما يؤكد الحكمة في حركة كل شيء في خلقه ، لأنه المطلع على حقائق الأشياء في ما يصلحها ويفسدها ، القادر على تحريكها تبعا لإرادته.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) في كل حياتكم في ما يختزنه وجودكم الداخلي من الأجهزة التي تحرّك حياتكم في الاتجاه الذي يحقق لكم الراحة والقوّة والسعادة ، أو في ما يحيط بكم من قوى وظواهر وموجودات مسخّرة لكم في خصائصها وعناصرها التي تكفل لكم إمكانية الاستمرار في الحياة من خلال تهيئة شروطها الضروريّة ، فلا تكونوا في غفلة من ذلك ، وانفتحوا على دلالاتها في موضوع العقيدة التوحيدية التي تفتح لكم أبواب الأفكار النافية لكل شريك لله ، على أساس أن كل شيء مخلوق لله ، لتفكروا (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) فيمن تدّعونه من الشركاء ، أو في ما يزيّنه لكم الشيطان من ذلك كله. فقد أعطاكم الله الحواس الظاهرة والباطنة ، التي تميّزون بها حقائق العقيدة والحياة وتتعرفون من خلالها على الحدود الفاصلة بين الخالق والمخلوق.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فهذه هي الحقيقة الإيمانية التي يؤكدها العقل والوجدان ، فلا مجال للشك فيها أو لإثارة الجدل حولها ، أو للانحراف عنها في خط العقيدة والعبادة ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) وتعدلون ، على المستوى