(وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) إليه ، لأن العمل لا يبقى في الأرض ليكون مجرّد حركة تنطلق في نشاط الناس ثم تموت في ذهاب الصورة وغياب الزمن ، بل يرتفع إلى الله ، بما فيه من نفع للإنسان والحياة في معناه الإيماني ، وغايته التوحيدية ، وروحيته الإنسانية الرسالية المتعلقة بالله ، الخاضعة له. فالإنسان يكون عزيزا عند الله ، بمقدار ما يكون طيبا في كلامه ، صالحا في عمله ، وهو ما يجعله في مواقع القرب لديه ، لينال ـ بذلك ـ الحظوة عنده.
* * *
جزاء الذين يمكرون السيئات
(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) جزاء على معاصي الله في حياتهم وحياة الآخرين سواء بارتكاب هذه المحرمات أو بظلم الآخرين من خلالها ، وبذلك ينطلق تفكيرهم في اتجاه إثارة الحيل الخفية والظاهرة ضد سلامة الحياة لينحرفوا بها عن خط الرسالات المستقيم الذي يدعو الإنسان إلى الانطلاق مع الله في كل شيء ، ولهذا كان عذابهم شديدا ، بمقدار النتائج السلبية التي يتمخض عنها مكرهم وضلالهم ، (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) فلا يبقى منه شيء ، لأنه لا يملك عمقا في معنى الحياة الباحثة عما يحقق لها النتائج الإيجابية بفعل الحق الكامن في وجودها ، مما يجعل من الباطل حالة طارئة قد تكتسب القوّة من بعض الظروف والقوى المتحركة حولها ، ولكنها سرعان ما تموت وتتبخر أمام قوّة الحق القادمة من الله.
* * *